للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها، فيترتب الحكم على ذلك، والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه.

وقال ابن دقيق العيد: الجملة الثانية تقتضي أن مَنْ نوى شيئا يحصل له (يعني إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر به شرعا بعدم عمله) وكل ما لم ينوه لم يحصل له.

ومراده بقوله: لم ينوه أي لا خصوصا ولا عموما، أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكانت هناك نية عامة تشمله، فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء، ويتخرج عليه من المسائل ما لا يُحصى، وقد يحصل غير المنوي لمدرَك آخر، كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد، فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها؛ لأن القصد بالتحية شَغْل البُقْعة، وقد حصل، وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة علي الراجح؛ لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف فلابد فيه من القصد إليه بخلاف تحية المسجد، والله أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه:

إنه لا يظهر لي فرق بين هاتين المسألتين: تحية المسجد، وغسل الجمعة، حيث جعلوا الأولى مما لا ينظر فيه جهة التعبد، والثانية جعلوها مما ينظر فيه جهة التعبد، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" كما قال "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" وما ثَمَّ نص يُفَرِّق بينهما، فالظاهر أنهما عبادتان يحتاج فيهما إلى النية فلا يحصل كل منهما إلا إذا نواه، والله أعلم.

قال الحافظ: وقال النووي: أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها