عبد الأشهل، وفيهم ناس من الصحابة. وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الدارقطني: ثقة. وقال ابن عبد البرّ: قيل: اسمه قُزْمان، ولا يصحّ له اسم غير كنية. روى له الجماعة، وله في هذا الكتاب حديثان، هذا، وحديث رقم (٤٥٤٣).
ومالك، وأبو هريرة تقدما في السند الماضي.
والحديث صحيح، وقد تقدم شرحه، وبيان المسائل المتعلقة به في الحديث الذي قبله. وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.
[فائدة]: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل ذلك لم يكن"، وجواب ذي اليدين - رضي الله عنه - له بقوله: قد كان بعض ذلك، فيه دليلٌ لقاعدة اتفق عليها أهل "المعاني والبيان"، وهي:
أن النفي إذا تسلط على "كلّ"، أو كانت في حَيّزه تكون "كلّ" حينئذ لنفي الشمول عن المجموع، لا لنفي الحكم عن كلّ فرد فرد.
وإن أخرجت "كل" من حيّز النفي، بأن قدّمت عليه لفظًا، ولم تكن معمولةً للفعل المنفي توجه النفي إلى أصل الفعل، وعمّ كل ما أضيفت إليه "كل"، فكان السلب عن كل فرد فرد.
قال العلائي -رحمه الله-: والاحتجاج لهذه القاعدة بهذا الحديث من وجهين:
أحدهما: أن السؤال بـ"أم" عن أحد الأمرين لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم على وجه الإبهام، فجوابه إما بالتعيين، أو بنفي كل واحد منهما، فلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل ذلك لم يكن" كان جوابه لنفي كل واحد منهما بالنسبة إلى ظنه - صلى الله عليه وسلم -، فلو كان تقديم "كلّ" على المنفي إنما يفيد نفي الكلية، لا نفي الحكم عن كل فرد فرد لكان قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل ذلك لم يكن" غير مطابق للسؤال، ولا ريب في بطلانه.
والوجه الثاني: قول ذي اليدين في جواب هذا الكلام. "قد كان بعض ذلك", وهو من العرب الفصحاء، فدل على أن المراد بـ "كل ذلك لم يكن" سلب الحكم عن كلّ فرد فرد، لا عن المجموع، لأن الإيجاب الجزئي يقتضيه السلب الكلي (١). انتهى كلام العلائي رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٢٢٧ - (أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
(١) هكذا نسخة "نظم الفرائد" "يقتضيه السلب الكلي"، ولعل الصواب: "نقيضه السلبُ الكليُّ"، فليتأمل.