وأما حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، فرواه الإمام الشافعي في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنّفه"، قالا: حدثنا أبو أسامة.
وقال ابن خزيمة في "صحيحه": حدثنا أبو كريب الهمداني، وبشر بن خالد العسكري -وهذا حديث أبي كريب- قالا: حدثنا أبو أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى، فسها، فسلّم في ركعتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة، أم نسيت؟ قال:"ما قصرت الصلاة، وما نسيت"، فقال:"أكما يقول ذو اليدين؟ " فقام، فصلى، ثم سجد سجدتين. وهذا لفظ ابن خزيمة.
ورواه أبو داود في "سننه" عن أحمد بن محمد بن ثابت، وابن ماجه عن علي بن محمد، وأبي كريب، وأحمد بن سنان، كلهم عن أبي أسامة به.
ولفظ ابن ماجه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سها، فسلّم في الركعتين، فقال له رجل، يقال له: ذو اليدين: يا رسول الله! قصرت الصلاة، أم نسيت؟! قال:"ما قصرت، وما نسيت"، قال: إنك صليت ركعتين، قال:"أكما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: نعم، فتقدم، فصلى ركعتين، ثم سلّم، ثم سجد سجدتي السهو.
قال البيهقي: تفرّد به أبو أسامة حماد بن أسامة.
قال العلائي: قلت: وهو من رجال "الصحيحين"، ومن الحفاظ الذين يُحتجّ بما انفردوا به، ويُصحح، وبقية إسناده على شرط "الصحيحين" أيضا.
وأما حديث معاوية بن حُديج (١)، فرواه أبو داود، والبيهقي في "سننهما"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، وغيرهم من حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، أن سويد بن قيس، أخبره عن معاوية بن حُديج - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يومًا، فانصرف، وقد بقي من الصلاة ركعةً، فأدركه رجل، فقال: نسيت من الصلاة ركعةٌ، فرجع، فدخل المسجد، فأَمَرَ بلالًا، فأقام الصلاة، فصلى بالناس ركعة، فأخبرت
(١) معاوية بن حُدَيج -بضم الحاء المهملة، وفتح الدال، وإسكان الياء آخر الحروف، وبعدها جيم- ابن حَفْنَة بن قَتِير -بفتح القاف، وكسر التاء المثناة من فوق، وبعدها ياء ساكنة، ثم راء مفتوحة- ابن حارثة الكنديّ التُّجِيبِيُّ، كنيته أبو عبد الرحمن، وأبو نعيم أيضًا، صحبته ثابتة. قاله البخاري وغيره، وعَدَّه بعضهم في التابعين، وليس بشيء، عداده في المصريين. قال أبو بكر الحميديّ: كان إسلامه قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهرين، وقال ابن يونس: وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهد فتح مصر، وقدم على عمر - رضي الله عنه - مبشرًا بفتح الإسكندرية، وولي غزو المغرب غير مرّة، وكانت وفاته سنة (٥٢ هـ) وحديثه في سنن أبي داود والنسائي، وابن ماجه، وفي "كتاب الأدب" للبخاري أيضًا.