للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأجيب بأنه ثبت مخاطبته - صلى الله عليه وسلم - في التشهد، وهو حيّ بقولهم: "السلام عليك أيها النبي"، ولم تفسد الصلاة. والظاهر أن ذلك من خصائصه.

ويَحتَمل أن يقال: ما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - يراجع المصلي، فجائز له جوابه حتى تنقضي المراجعة، فلا يختص الجواز بالجواب، لقول ذي اليدين: "بلى قد نسيتَ"، ولم تبطل صلاته. والله تعالى أعلم.

ومنها: أن سجود السهو لا يتكرر بتكرر السهو، ولو اختلف الجنس، خلافًا للأوزاعي، ورَوَى ابن أبي شيبة عن النخعي أن لكلّ سهو سجدتين، وَوَرَدَ على وفقه حديثُ ثوبان - رضي الله عنه - عند أحمد, وإسناده منقطع، وحمل على أن معناه أن من سها بأي سهو كان شُرع له السجود، أي لا يختصّ بما سجد فيه الشارع. وروى البيهقي من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "سجدتا السهو تُجزئان من كلّ زيادة ونقصان". وفيه أنه انفرد به حكيم بن نافع الرّقّي، وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ليس بشيء. قال العلائي: هو شاذّ بمرة لتفرد حكيم به من بين أصحاب هشام بن عروة، ولا يُحتمل منه مثل هذا التفرّد. انتهى (١).

ومنها: أنه لا فرق بين الفرض والنفل في سجود السهو، لأن الذي يحتاج إليه الفرض من الجبر يحتاج إليه النفل، وهذا مذهب الجمهور، وذهب ابن سيرين، وقتادة إلى أن التطوع لا يُسجَد للسهو فيه. واختلف القول عن عطاء بن أبي رباح، وقد نقل هذا جماعة من الشافعية قولًا قديمًا للشافعي.

ومنها: أن المأموم يلزمه السجود مع الإمام بسهو الإمام، وإن لم يسهُ هو، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سها وسجد، وسجد القوم معه. وهذا مذهب كافة العلماء، إلا ابن سيرين، فقد حُكي عنه أنه قال: لا يسجد معه. وقيل: المنقول عنه أنه إذا أدرك المأموم بعضَ صلاة الإمام، ثم سها الإمام، فسجد للسهو لم يلزم المأموم متابعته، لأنه ليس موضع سجود المأموم (٢).

ومنها: أن اليقين لا يُترك إلا باليقين، لأن ذا اليدين كان على يقين أن فرضهم الأربع، فلما اقتصر فيها على اثنتين سأل عن ذلك، ولم ينكر عليه سؤاله.

ومنها: أن الظن قد يصير يقينًا بخبر أهل الصدق، وهذا مبني على أنه - صلى الله عليه وسلم - رجع لخبر الجماعة.

وبه قال مالك، وأحمد، وغيرهما، ومنهم من قيده بما إذا كان الإمام مجوّزًا لوقوع


(١) "نظم الفرائد" ص ٣٧٥.
(٢) "نظم الفرائد" ص ٣٨٠ - ٣٨١.