للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الفجر، فكبر، وركع، ورفع رأسه، ثم سجد، ثم قام في الثانية، فكبر، وركع، ثم رفع رأسه، فقام ساعة، ثم وقع ساجدا (١). وهذا مثل حديث ثابت عنه سواء، هو يبين مراد أنس بالقنوت، فإنه ذكره دليلًا لمن قال: إنه قنت بعد الركوع، فهذا القيام والتطويل هو مراد أنس - رضي الله عنه -، فاتفقت أحاديثه كلها. وبالله التوفيق.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: وهو يبين مراد أنس - رضي الله عنه - الخ، فيه نظر، إذ هذا الحديث إسناده ضعيف، فلا يصلح بيانا لمراد أنس - رضي الله عنه -، فتأمل. والله تعالى أعلم.

قال: وأما المروي عن الصحابة - رضي الله عنهم -، فنوعان:

(أحدهما): قنوت عند النوازل، كقنوت الصديق - رضي الله عنه - في محاربة الصحابة لمسيلمة، وعند محاربة أهل الكتاب، وكذلك قنوت عمر - رضي الله عنه -، وقنوت علي - رضي الله عنه - عند محاربته لمعاوية وأهل الشام.

(الثاني): مطلق، مراد من حكاه عنهم به تطويل هذا الركن للدعاء والثناء. والله تعالى أعلم. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى (٢).

[قال الجامع عفا الله تعالى عنه]: خلاصة هذه المسألة أن الراجح أن القنوت المشروع هو القنوت عند النوازل، وأما القنوت الوارد في الصبح، أو غيره، فالمراد به تطويل القيام بالأذكار، فبهذا تتفق الأحاديث والآثار المروية في الباب، وقد تقدم قول العلامة الشوكاني -رحمه الله-: إذا تقرر لك هذا علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال: إن القنوت مختص بالنوازل، وأنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به صلاة دون صلاة، وقد ورد ما دلّ على هذا الاختصاص من حديث أنس - رضي الله عنه - عند ابن خزيمة في "صحيحه": "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم". ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند ابن حبان بلفظ: "كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد، أو يدعو على أحد". قال: وقد حاول جماعة من حُذّاق الشافعية الجمع بين الأحاديث بما لا طائل تحته، وأطالوا الاستدلال على مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير طائل. انتهى.

هذا كله في غير الوتر، وأما القنوت فيه، فسيأتي الكلام عليه في محله، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) إسناده ضعيف فيه أبو هلال الراسبي، محمَّد بن سليم، قال في "ت": صدوق فيه لين من السادسة. وفيه حنظلة السدوسي ضعفه أحمد، وقال: يروي عن أنس أحاديث مناكير، وقال ابن معين، والنسائي: ضعيف. قال في "ت": ضعيف من السابعة. اهـ.
(٢) "زاد المعاد في هدي خير العباد" جـ ١ ص ٢٧١ - ٢٨٥.