وقد أخرج ابن أبي داود من وجه آخر مرسل نحوه، ولفظه:"أعظم من حامل القرآن وتاركه".
ومن طريق أبي العالية موقوفًا:"كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن، ثم ينام عنه حتى ينساه". وإسناده جيد.
ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه، ويقولون فيه قولًا شديدًا.
ولأبي داود عن سعد بن عبادة مرفوعًا:"من قرأ القرآن، ثم نسيه لقي الله وهو أجذم"(١). وفي إسناده أيضًا مقال.
وقد قال به من الشافعية أبو المكارم، واحتج بأن الإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به، والتهاون بأمره.
وقال القرطبي: من حفظ القرآن، أو بعضه، فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخلّ بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح
عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإنّ ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل، والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد.
وقال إسحاق بن راهويه: يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يومًا لا
(١) واختلف في معنى "أجذم"، فقيل: مقطوع اليد، وقيل: مقطوع الحجة. وقيل. مقطوع السبب من الخير. وقيل: خالي اليد من الخير، وهي متقاربة. وقيل: يحشر مجذومًا حقيقة، ويؤيده في رواية زائدة بن قدامة عند عبد بن حميد. "أتى الله يوم القيامة وهو مجذوم". انتهى فتح جـ ١٠ ص ١٠٧.