والظاهر أنه لا يختص بالقرآن، كما سيأتي بيانه في حديث يعلى بن أمية في قصة لابس الجمة المتضمخ بالطيب في الحج، فإن فيه أنه رآه - صلى الله عليه وسلم - حال نزول الوحي عليه، وإنه ليغط.
وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزُّلْفَى والدرجات. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (١).
(وأحيانًا) جمع حين، يطلق على كثير الوقت وقليله، والراد به هنا مجرد الوقت، فكأنه قالَ: أوقاتًا يأتيني، وانتصابه على الظرفية، وعامله "يأتيني" موخرًا عنه.
وفي رواية للبخاري في "بدء الخلق": "كل ذلك يأتي الملك"، أي كل ذلك حالتان، فذكرهما.
وروى ابن سعد من طريق أبي سلمة الماجشون أنه بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:"كان الوحي يأتيني على نحوين. يأتيني به جبريل، فيلقيه عليّ كما يلقي الرجل على الرجل، فذاك ينفلت مني، ويأتيني في بيتي مثل صوت الجرس حتى يخالط قلبي، فذاك الذي لا يتلفت مني".
قال الحافظ رحمه الله. وهذا مرسل مع ثقة رجاله، فإن صح فهو محمول على ما كان قبل نزول قوله تعالى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[القيامة: ١٦] كما سيأتي، فإن الملك قد تمثل رجلًا في صور كثيرة، ولم ينفلت منه ما أتاه به، كما في قصة مجيئه في صورة دحية، وفي صورة أعرابي، وغير ذلك، وكلها في الصحاح.