للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وأبو داود، وغيرهما، فكيف يشبه ما فعله الملك بأمر تنفر منه الملائكة؟

[والجواب]: أنه لا يلزم في التشبيه تساوي المشبه بالمشبه في الصفات كلها، بل ولا في أخص وصف له، بل يكفي اشتراكهما في صفةٍ مَّا، فالمقصود هنا ليان الجنس، فذكر ما ألِفَ السامعون سماعَهُ تقريبًا لأفهامهم.

والحاصل أن الصوت له جهتان: جهة قوة، وجهة طَنِين، فمن حيث وقع التشبيه به، ومن حيث الطرب وقع التنفير عنه، وعلَل بكونه مزمار الشيطان.

ويحتمل أن يكون النهي عنه وقع بعد السؤال المذكور، وفيه نظر.

قيل: والصلصة المذكورة صوت الملك بالوحي. قال الخطابي: يريد أنه صوت متدارك، يسمعه، ولا يتبينه أولَ ما يسمعه حتى يفهمه بعدُ. وقيل: بل هو صوت حفيف أجنحة الملك.

والحكمة في تقدمه أن يقرع سمعه الوحيُ، فلا يبقى فيه مكان لغيره، ولما كان الجرس لا تحصل صلصلته إلا متداركة وقع التشبيه به، دون غيره من الآلات. انتهى ما في الفتح (١).

(فيفصم عني) قال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله: أي ينفرج عني، ويذهب. كما يُفصَمُ الخلخالُ إذا فتحته لتخرجه عن


(١) جـ ١ ص ٣٠.