قال القاضي عياض: قال مالك، وجماعة من العلماء: يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم، وغيره، وأجاز أبو حنيفة رحمه الله، ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رحمه الله رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة، وغير ذلك مما يحتاج إليه الناس؛ لأنه مجمعهم، ولابد لهم منه.
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما بنيت المساجد لما بنيت له": معناه لذكر الله، والصلاة والعلم، والمذاكرة في الخير، ونحوها. قال القاضي عياض: فيه دليل على منع الصنائع في المسجد كالخياطة وشبهها، قال: وقد منع بعض العلماء من تعليم الصبيان في المسجد. قال: قال بعض شيوخنا: إنما يمنع في المسجد من عمل الصنائع التي يختص بنفعها آحاد الناس، ويكتسب به، فلا يتخذ المسجد متجراً، فأما الصنائع التي يشمل نفعها المسلمين في دينهم كالمثاقفة، وإصلاح آلات الجهاد، مما لا امتهان للمسجد في عمله، فلا بأس به، وحكى بعضهم خلافاً في تعليم الصبيان فيها. اهـ. "شرح مسلم" جـ ٥ ص ٥٥.
وفي "النيل" جـ ٢ ص ٢٦٩: وكره بعض المالكية تعليم الصبيان في المساجد، وقال: إنه من باب البيع، وهذا إذا كان بأجرة، فإن كان بغير أجرة كان مكروهاً، لعدم تحرزهم من الوسخ الذي يصان عنه المسجد.
ونقل في "الفتح" جـ ٢ ص ١٢٦ - عن مالك رواية أخرى، وهي