وقال القرطبي رحمه الله: اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير، فروى ابن القاسم عن مالك، أنه كان في النافلة، وهو تأويل بعيد، فإن ظاهر الأحاديث أنه كان في فريضة، وسبقه إلى استبعاد ذلك المازري، وعياض، لِمَا ثبت في مسلم:"رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، يؤم الناس، وأمامة على عاتقه". قال المازري: إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة. ولأبي داود:"بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الظهر -أو العصر- وقد دعاه بلال إلى الصلاة، إذ خرج علينا، وأمامة على عاتقه في مصلاه، فقمنا خلفه، فكبر، فكبرنا، وهي في مكانها". وعند الزبير بن بكار، وتبعه السهيلي "الصبح".
قال القرطبي: وروى أشهب، وعبد الله بن نافع، عن مالك: أن ذلك للضرورة، حيث لم يجد من يكفيه أمرها. انتهى. وقال بعض أصحابه: لأنه لو تركها لبكت، وشغلت سره في صلاته أكثر من شغله بحملها. وفرق بعض أصحابه بين الفريضة والنافلة. وقال الباجي: إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة، وإن لم يجد جاز فيهما.
قال القرطبي: وروى عبد الله بن يوسف التنيسي، عن مالك، أن الحديث منسوخ. قال الحافظ: روى ذلك الإسماعيلي عقب روايته للحديث من طريقه، لكنه غير صريح، ولفظه: قال التنيسي قال مالك: من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ناسخ ومنسوخ، وليس العمل على هذا.
وقال ابن عبد البر: لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة. وتعقب