الحديث فهو عندنا متهم، مازال أهل العلم يتحدثون بهذا، من أنكر جوازه على تأويله؟.
قال أبو عمر: ومجاهد وإن كان أحد الأئمة بتأويل القرآن، فإنَّ له قولين مهجورين عند أهل العلم: أحدهما هذا، والثاني: في تأويل قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢، ٢٣]. قال: تنتظر الثواب؛ ليس من النظر.
وروي عن مجاهد أيضًا في هذه الآية قال: يجلسه على العرش.
وهذا تأويله غير مستحيل؛ لأن الله تعالى كان قبل خلقه الأشياء كلها، والعرشَ قائمًا بذاته، ثم خلق الأشياء من غير حاجة إليها، بل إظهارًا لقدرته وحكمته، وليُعرَف وجودُه وتوحيده، وكمال قدرته وعلمه بكل أفعاله المحكمة، وخلق لنفسه عرشًا استوى عليه كما شاء من غير أن صار له مماسًا، أو كان العرش له مكانًا، قيل: هو الآن على الصفة التي كان عليها من قبل أن يخلق المكان والزمان؛ فعلى هذا القول سواء في الجواز أقْعَدَ محمدًا على العرش، أو على الأرض؛ لأن استواء الله تعالى على العرش ليس بمعنى الانتقال والزوال، وتحويل الأحوال من القيام والقعود والحال التي تشغل العرش، بل هو مستوٍ على عرشه كما أخبر عن نفسه بلا كيف، وليس إقعاده محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على العرش موجبًا له صفة الربوبية، أو مخرجًا له عن صفة العبودية، بل هو رفع لمحله، وتشريف له على خلقه.