قال الجامع عفا الله عنه: وعمل الشيخين رحمهما الله تعالى في هذا يشعر أن قول الصحابي: "كنا نفعل كذا" مُسْنَد، ولو لم يُصَرِّحْ بإضافته إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو -كما قال الحافظ رحمه الله- اختيار الحاكم، وقال الدارقطني، والخطيب، وغيرهما هو موقوف. والحق أنه موقوف لفظًا مرفوع حكمًا، لأن الصحابي أورده في مقام الاحتجاج، فيحمل على أنه أراد كونه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال النووي رحمه الله: قال العلماء: كانت منازل بني عمرو بن عوف على ميلين من المدينة، وكانوا يصلون العصر في وسط الوقت، لأنهم كانوا يشتغلون بأعمالهم وحروثهم، فدل هذا الحديث على تعجيل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصلاة العصر في أول وقتها. اهـ فتح جـ ٢ ص ٣٥.
(وقال الآخر) أي الشيخ الآخر لمالك (والشمس مرتفعة) مقول قال، أي قال "فيأتيهم، والشمس مرتفعة"، والجملة في محل نصب على الحال من الضمير المنصوب المفعول.
وهذا الآخر هو الزهري، كما بينته رواية البخاري عن عبد الله بن يوسف، وروايةُ مسلم عن يحيى بن يحيى- كلاهما عن مالك، عنه.
والمعنى أن ذلك الذاهب يأتي أهل قباء، ويَصِلُ إليهم في حال ارتفاع الشمس، دون ذلك الارتفاع الذي صلَّى فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -،