للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عنده مظلمة، أو حقّ بادر إلى الإنصاف منْ نفسه، وَقَدْ روي هَذَا المعنى عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قَالَ لسفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: إن كنت تريد أن يكون النَّاس كلهم مثلك، فما أدّيت لله الكريم نصحه، فكيف، وأنت تودّ أنهم دونك. انتهى.

وتعقّب الحافظ عَلَى القاضي عياض قوله: لأن كل واحد يحب أن يكون أفضل النَّاس فَقَالَ: وفيه نظر، إذ المراد الزجر عن هذه الإرادة؛ لأن المقصود الحث عَلَى التواضع، فلا يحب أن يكون أفضل منْ غيره، فهو مستلزم للمساواة، ويستفاد ذلك منْ قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: ٨٣]، ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد، والغل، والحقد، والغش، وكلها خصال مذمومة. انتهى "فتح" ١/ ٨٣.

[فائدة]: قَالَ الكرماني: ومن الإيمان أيضًا أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه، منْ الشر، ولم يذكره لأن حب الشيء، مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه؛ اكتفاء. والله أعلم. قاله فِي "الفتح" أيضًا ١/ ٨٣. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أنس رضي الله تعالى عنه هَذَا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -١٩/ ٥٠١٨ و٥٠١٩ و٣٣/ ٥٠٤١ - وأخرجه (خ) فِي "الإيمان" ١٣ (م) فِي "الإيمان" ٤٥ (ت) فِي "صفة القيامة" ٢٥١٥ (ق) فِي "المقدمة" ٦٦ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ١٢٣٩٠ و١٢٧٣٤ و١٣٢١٧ و١٣٥٤٧ (الدارمي) فِي "الرقاق" ٢٦٢٣. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان علامة الإيمان، وذلك أن محبّة الإنسان لأخيه المسلم ما يحب لنفسه شعبة منْ شعب الإيمان، وعلامة عَلَى أنه مؤمن كامل الإيمان. (ومنها): أن فيه دلالة عَلَى التواضع؛ لأنه إذا أحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه كَانَ دليلاً عَلَى أنه بريء منْ الكبر، والحسد، والحقد، والغلّ، والغشّ، وغيرها منْ الأخلاق الدنيئة، والخصال الذميمة، بل هو متحلّ بالتواضع، واللين، والرفق، وإيثار إخوانه عَلَى نفسه، وغيرها منْ الأخلاق الكريمة، والشيم العظيمة.