ومعنى الإيمان بالرسل: التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى، وأن الله تعالى أيّدهم بالمعجزات الدّالّة عَلَى صدقهم، وأنهم بلّغوا عن الله تعالى رسالاته، وبينوا للمكلّفين ما أمرهم الله تعالى بيانه، وأنه يجب احترامهم، وألا يُفرَّق بين أحد منهم. قاله القرطبيّ.
وَقَالَ فِي "الفتح": ودل الإجمال فِي الملائكة، والكتب، والرسل عَلَى الاكتفاء بذلك، فِي الإيمان بهم، منْ غير تفصيل، إلا منْ ثبت تسميته، فيجب الإيمان به عَلَى التعيين، وهذا التريب مطابق للآية:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ}[البقرة: ٢٨٥]، ومناسبة الترتيب المذكور، وإن كانت الواو لا ترتب، بل المراد منْ التقديم، أن الخير، والرحمة منْ الله، ومن أعظم رحمته، أن أنزل كتبه إلى عباده، والمتلقِّي لذلك منهم الأنبياء، والواسطة بين الله وبينهم الملائكة. انتهى.
(وَالْيَوْم الآخِرِ) وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البخاريّ:"وتؤمن بالبعث"، زاد فِي "التفسير": "الآخر"، قَالَ فِي "الفتح": فأما البعث الآخر، فقيل: ذُكر "الآخر" تأكيدا، كقولهم: أمس الذاهب، وقيل: لأن البعث وقع مرتين: الأولى الإخراج منْ العدم إلى الوجود، أو منْ بطون الأمهات بعد النطفة، والْعَلَقَة إلى الحياة الدنيا، والثانية البعث منْ بطون القبور، إلى محل الاستقرار، وأما اليوم الآخر، فقيل له: ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا، أو آخر الأزمنة المحدودة.
ومعنى الإيمان باليوم الآخر: هو: التصديق بيوم القيامة، وما اشتمل عليه منْ الإعادة بعد الموت، والنشر، والحشر، والحساب، والميزان، والصراط، والجنة والنار، وأنهما دار ثوابه، وجزائه للمحسنين، والمسيئين، إلى غير ذلك، مما صحّ نصّه، وثبت نقله. انتهى "المفهم" ١/ ١٤٥.
(وَالْقَدَرِ) -بفتحتين، أو بفتح، فسكون-: القضاء، والحكم. وَقَالَ أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: الْقَدَر: مصدر قَدَرتُ الشيء، خفيفة الدال، أقدره، وأقدُره -منْ بابي ضرب، ونصر- قَدْرًا -بفتح، فسكون- وقَدَرًا -بفتحتين، وقُدُرا: إذا أحطت بمقداره، ويقال فيه: قدّرتُ أُقدّر تقديرًا -مشدّد الدال- للتضعيف، فإذا قلنا: إن الله تعالى: قدّر الأشياء، فمعناه: أنه تعالى علم مقاديرها، وأحوالها، وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد منها ما سبق فِي علمه أنه يوجده عَلَى نحو ما سبق فِي علمه، فلا مُحْدَث فِي العالم العلويّ والسفليّ إلا وهو صادرٌ عن علمه تعالى، وقدرته، وإرادته. انتهى "المفهم" ١/ ١٣٢.