للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المثبت للخيار فِي المجلس، أم هو الذي يقول النافي له. انتهى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: أراد السنديّ رحمه الله بهذا الكلام الإشارة إلى تأييد قول منْ يقول: إن المراد بالحديث إثبات خيار المجلس، حيث إن راوي الْحَدِيث -رضي الله عنه- فهم منه هَذَا المعنى، وعمل به، حيث كَانَ يفارق صاحبه الذي باع له؛ لئلا يفسخ البيع بناء عَلَى أن له خيار المجلس، فلما فارقه تمّ البيع، ولا يستطيع أن يفسخ، وهذا إنصاف منْ السنديّ رحمه الله تعالى مخالفًا لمذهبه الحنفيّ القائل: إن التفرّق هو التفرّق بالأقوال، لا بالأبدان؛ لوضوح دليله، وهكذا ينبغي للعالم أن يكون مع الدليل، لا مع آراء الرجال، كما فعل منْ قدّمنا قوله، ممن ردّ ما دلّ عليه ظاهر هَذَا الْحَدِيث بتأويلات سخيفة، قاتل الله التعصّب، والله المستعان عَلَى منْ خالف ظواهر الأدلّة بتأويلات مُبْتَذَلَة.

والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق بيانه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٤٧٦ - (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُتَبَايِعَانِ، لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا، حَتَّى يَتَفَرَّقَا، إِلاَّ بَيْعَ الْخِيَارِ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.

وقوله: "لا بيع بينهما"، قَالَ وليّ الدين رحمه الله تعالى: أي ليس بينهما بيع لازم، وليس المراد نفي أصل البيع، وكيف يَنفِي أصلَ البيع، وَقَدْ أثبته أوّلاً بقوله: "المتبايعان"، وَقَدْ تمسّك ابن حزم بظاهر هذه اللفظة، وَقَالَ: إن البيع غير صحيح، ما لم يتفرّقا، أو يتخيّرا، والمعروف صحّته، إلا أنه عقد جائزٌ، ما لم يوجد أحد الأمرين. انتهى "طرح" ٦/ ١٥٨ - ١٥٩ ببعض تصرّف.

وَقَالَ السنديّ: وَقَدْ يقال: هذه الرواية ناظرة إلى قول منْ يفسّر الافتراق بالافتراق بالأقوال، فليتأمل. انتهى.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قالوه دعوى بغير بيّنة، فأين الدلالة المزعومة؟ بل هذه الرواية كسائر الروايات السابقة، بلا فرق، فتبصّر، ولا تتحيّر. والله تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، كما سبق غير مرّة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".