[المسلك الثالث]: تعليل هذه اللفظة، وردّها بأن عروة انفرد بها، وخالف بها سائر الرواة، وقد روى حديثها طاوس، والقاسم، والأسود، وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة.
[المسلك الرابع]: أن قوله: "دعي العمرة" أي دعيها بحالها, لا تخرجي منها, وليس المراد تركها، قالوا: ويدلّ عليه وجهان: أحدهما: قوله: "يسعك طوافك لحجك، وعمرتك". الثاني: قوله: "كوني في عمرتك"، قالوا: وهذا أولى من حمله على رفضها لسلامته من التناقض انتهى.
(وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ، وَدَعيِ الْعُمْرَةَ") أي اتركي أعمالها؛ لدخولها في عمل الحجّ، حيث كانت قارنة.
وقال القرطبيّ: هذا محمول على ترك عملها, لا على رفضها، والخروج منها؛ بدليل قوله في الرواية الأخرى: "وأمسكي" مكان "ودعي" وهو ظاهر في استدامتها حكم العمرة التي أحرمت بها، وبدليل قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يسعك طوافك لحجك، وعمرتك"، وهذا نصّ على أن حكم عمرتها باق عليها انتهى (١).
(فَفَعَلْتُ، فَلَمِّا قَضَيتُ الْحَجَّ) أي أديته بإتمام أعماله (أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) الصديق القرشيّ التيميّ، يكنى أبا عبد اللَّه. وقيل: أبا محمد. وقيل: أبا عثمان، أمه أم رُومان والدة عائشة، فهو شقيقها، وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة. وقيل: عبد العزّى، فغيّره النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وتأخر إسلامه إلى أيام الهدنة، فأسلم، وحسن إسلامه. وقيل: إنما أسلم يوم الفتح هو ومعاوية في وقت واحد. ويقال: إنه شهد بدرًا مع المشركين، ودعا إلى البراز، فقام إليه أبوه ليبارزه، فذكر أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال له: متّعنا بنفسك، ثم أسلم، وحسن إسلامه، وصحب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في هدنة الحديبية، وكان أسنّ ولد أبي بكر. قال الزبير بن بكار: كان رجلاً صالحًا، وكانت فيه دُعابة. وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب في حديث ذكره أن عبد الرحمن بن أبي بكر لم يجرّب عليه كذبة قط. وقال ابن عبد البرّ: كان من أشجع رجال قريش، وأرماهم بسهم، وحضر اليمامة مع خالد بن الوليد، فقتل سبعة من كبارهم، منهم مُحَكّمَ اليمامة ابن طفيل، رماه بسهم في نحوه، فقتله. وأخرج الزبير عن عبد اللَّه بن نافع، قال: خطب معاوية، فدعا الناس إلى بيعة يزيد، فكلمه الحسين بن عليّ، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فقال له