تطيّب، وهو القياس، أعني لزوم الفدية على القول بالتحريم، وبالفدية يقول الشافعية تفريعًا على قول شاذّ، حكاه بعضهم أن الطيب يستمرّ تحريمه إلى أن يطوف، وأنكر جماعة منهم هذا القول، وقطعوا بجوازه. واللَّه أعلم. قاله وليّ الدين (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحقّ ما ذهب إليه الجمهور من جواز الطيب قبل الطواف؛ لصحّة حديث الباب بذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): استدلّ بقولها: "لحِلّه قبل أن يطوف" على أنه حصل له التحلّل قبل الطواف. قال النوويّ في "شرح مسلم": وهذا متّفق عليه، ويوافقه كلامه في "شرح المهذّب"، فإنه أورد فيه من "سنن أبي داود" حديث أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها -، مرفوعًا:"فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت، صِرْتم حُرُمًا، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة، حتى تطوفوا به". وقال: إنه حديث صحيح. ثم حكى عن البيهقيّ أنه قال: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به. ثم قال النوويّ: فيكون الحديث منسوخًا، دلّ الإجماع على نسخه، فإن الإجماع لا يَنسخ، ولا يُنسخ، لكن يدلّ على ناسخ.
قال وليّ الدين: وكذا قال البيهقيّ في "الخلافيّات": يشبه إن كان قد حفظه ابن يسار صار منسوخًا، ويستدلّ بالإجماع في جواز لبس المخيط بعد التحلّل الأول على نسخه انتهى.
لكن الخلاف في ذلك موجود، قال ابن المنذر في "الإشراف" لَمّا حكى الخلاف فيما أُبيح للحاجّ بعد الرمي، وقبل الطواف: وفيه قول خامس، وهو أن المحرم إذا رمى الجمرة يكون في ثوبه حتى يطوف بالبيت، كذلك قال أبو قلابة. وقال عروة بن الزبير: من أخّر الطواف بالبيت يوم النحر إلى يوم النفر، فإنه لا يلبس القميص، ولا العمامة. وقد اختلف فيه عن الحسن البصريّ، وعطاء، والثوريّ انتهى كلام وليّ الدين.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها - الذي أشار إليه هو ما أخرجه أبو داود في "سننه"، ولفظه:
١٩٩٩ - حدثنا أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين -المعنى واحد- قالا: حدثنا ابن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عبيدة بن عبد اللَّه بن زمعة، عن أبيه، وعن أمه زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، يحدثانه جميعا ذاك عنها، قالت: كانت ليلتي التي يصير إليّ فيها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، مساء يوم النحر، فصار إليّ، ودخل عليّ وهب بن زمعة، ومعه رجل من آل أبي أمية، مُتَقَمَّصَين، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لوهب: "هل