للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أثره، من غير رائحة. ويردّه قول عائشة: "ينضخ طيبًا". وقال بعضهم: بقي أثره، لا عينه، قال ابن العربيّ: ليس في شيء من طرق حديث عائشة أن عينه بقيت انتهى. وقد روى أبو داود، وابن أبي شيبة، من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة، قالت: "كنّا نضمّخ وجوهنا بالمسك المطيّب قبل أن نحرم، ثم نحرم، فنعرق، فيسيل على وجوهنا، ونحن مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلا ينهانا". فهذا صريحٌ في بقاء عين الطيب، ولا يقال: إن ذلك خاصّ بالنساء؛ لأنهم أجمعوا على أن الرجال والنساء سواء في تحريم استعمال الطيب إذا كانوا محرمين.

وقال بعضهم: كان ذلك طيبًا لا رائحة له، تمسّكًا برواية الأوزاعيّ، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: "بطيب لا يشبه طيبكم"، قال بعض رواته: تعني لا بقاء له.

أخرجه النسائيّ -٤١/ ٢٦٨٨ - . ويردّ هذا التأويل ما في الذي قبله. ولمسلم من رواية منصور بن زاذان، عن عبد الرحمن بن القاسم: "بطيب فيه مسك"، وله من طريق الحسن بن عبيد اللَّه، عن إبراهيم: "كأني انظر إلى وبيص المسك". وللشيخين من طريق عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه: "بأطيب ما أجد". وللطحاويّ، والدارقطنيّ من طريق نافع، عن ابن عمر، عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "بالغالية الجيّدة". وهذا يدلّ على أن قولها: "بطيب، لا يُشبه طيبكم" أي أطيب منه، لا كما فهمه القائل: تعني ليس له بقاء.

وادعى بعضهم أن ذلك من خصائصه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قاله المهلّب، وأبو الحسن القصّار، وأبو الفرج من المالكيّة. قال بعضهم: لأن الطيب من دواعي النكاح، فنَهَى الناس عنه، وكان هو أملك الناس لإربه، ففعله. ورجحه ابن العربيّ بكثرة ما ثبت له من الخصائص في النكاح. وقد ثبت عنه أنه قال: "حُبّب إليّ النساء والطيب". أخرجه النسائيّ من حديث أنس - رضي اللَّه عنه -.

وتُعُقّب بأن الخصائص لا تثبت بالقياس. وقال المهلّب: إنما خُصّ بذلك لمباشرته الملائكة لأجل الوحي. وتُعقّب بأنه فرع ثبوت الخصوصيّة، وكيف بها؟. ويردّها حديث عائشة بنت طلحة المتقدّم. ورَوَى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، قالت: "طيّبت أبي بالمسك لإحرامه حين أحرم"، وبقولها: "طيّبت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بيديّ هاتين". أخرجه الشيخان من طريق عمر بن عبد اللَّه بن عروة، عن جدّه، عنها، وعند البخاريّ من طريق سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، بلفظ: "وأشارت بيديها".

واعتذر بعض المالكيّة بأن عمل أهل المدينة على خلافه. وتُعُقب بما رواه النسائيّ،