"بواحدة" بالباء الموحّدة، وهو لغة، يقال: ضَمنتُ المالَ، وبه، ضَمَانًا، فأنا ضامن، وضَمينٌ: التزمتُهُ، ويتعدّى بالتضعيف، فيقال: ضَمَّنتُهُ المالَ: ألزمته إياه. قاله في "المصباح".
والمعنى: من يلزم لي خصلة واحدةً، ويدوم على هذه الخصلة؟.
و"من" هنا استفهاميّة، وهي مبتدأ، خبرها جملة "يضمنُ الخ (وَلَهُ الْجَنَّةُ) أي مضمون له الجنّة في مقابلة ضمانه تلك الخصلة. وفي لفظ لأحمد: "من يضمنُ لي خَلَّةً، وأضمنُ له الجنة".
(قَالَ: يَحْيىَ) بن سعيد القطّان الراوي عن ابن أبي ذئب (هَاهُنَا كَلِمَةٌ، مَعْنَاهَا: "أَنْ لَا يَسْألَ النَّاسَ شَيْئًا) يعني أن في هذا الموضع كلمة، وهي الكلمة التي طلب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ضمانها حتى يضمن له الجنّة، ولكن يحيى لم يحفظ لفظها، وإنما حفظ معناها، وهو: "أن لا يسأل الناس شيئًا".
وقد حفظ لفظها وكيع عند أحمد، وابن ماجه، ويزيد بن هارون، وأبو النضر عند أحمد.
قال الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- في "مسنده" -٢١٩١٧ - : حدثنا يزيد بن هارون، وأبو النضر، قالا: حدثنا ابن أبي ذئب، عن محمد بن قيس، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن ثوبان مولى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من يتقبلُ لي بواحدة، أتقبل له بالجنة"، قال: قلت: أنا يا رسول اللَّه، قال: "لا تسأل الناس شيئا". قال: فربما سقط سوط ثوبان، وهو على بعيره، فما يسأل أحدا، أن يناوله، حتى ينزل إليه، فيأخذه.
وقال الإمام ابن ماجه -رحمه اللَّه تعالى -١٨٣٧ - : حدثنا عليّ بن محمد، حدّثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن قيس، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ثوبان، قال: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "مَنْ يتقبلُ لي بواحدة، وأتقبل له بالجنة؟، قلت: أنا، قال: "لا تسأل الناس شيئا".
قال: فكان ثوبان يقع سوطه، وهو راكب، فلا يقول لأحد: ناولنيه، حتى يَنزل، فيأخذه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ثوبان - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه: