وسالم بن عبد الله، والحسن البصري، وأصحاب الرأي، وأحمد، وأبو ثور رضي الله عنهم، وحكاه غير ابن المنذر عن غيرهم أيضًا، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، وأصحابهما، وسفيان الثوري، وإسحاق
بن راهويه، واختاره ابن المنذر.
فأما ابن سيرين فاحتج له بحديث الرُّبَيِّع بنت معوذ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه مرتين"، وعن عبد الله بن زيد مثله.
وأما القائلون بمسحة واحدة: فاحتجوا بالأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين وغيرهما، من روايات جماعات من الصحابة في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أنه مسح رأسه مرة واحدة، مع غسله بقية الأعضاء ثلاثًا ثلاثًا".
منها: رواية عثمان، وابن عباس، وعبد الله بن زيد رضي الله عنهم، وروي ذلك أيضا من رواية عبد الله بن أبي أوفى، وسلمة بن الأكوع، والربيع بنت معوذ، وغيرهم، وقد قال أبو داود في سننه وغيره من الأئمة: الصحيح في أحاديث عثمان، وغيره مسح الرأس مرة، وقد سَلَّم لهم البيهقي هذا واعترف به، ولم يُجب عنه، مع أنه المعروف بالانتصار لمذهب الشافعي رضي الله عنه.
قالوا: ولأنه مسح واجب، فلم يسن تكراره كمسح التيمم والخف، ولأن تكراره يؤدي إلى أن يصير المسح غسلًا، ولأن الناس أجمعوا قبل الشافعي على عدم التكرار، فقوله خارق للإجماع.
واحتج الشافعي وأصحابه بأحاديث وأقيسة:
أحدها: وهو الذي اعتمده الشافعي، حديث عثمان رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثا ثلاثا" رواه مسلم، ووجه الدلالة منه أن قوله:"توضأ" يشمل المسح والغسل، وقد منع البيهقي وغيره الدلالة من هذا،