للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مفتوحتين: أي قذفه ودفعه. فهذا الذي ذكرناه هو المعتمد في دليل المسألة، وأما الحديث المرويّ عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لا زكاة في حجر". فضعيفٌ جدًّا، رواه البيهقيّ، وبيّن ضعفه (١) انتهى ما قاله النوويّ (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الصواب ما قاله الجمهور من عدم وجوب الزكاة في غير الذهب والفضّة؛ لما ذكره النوويّ، ولأنه -كما قال ابن قُدامة-: قد كان يُخرَج على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وخلفائه، فلم تأت فيه سنّة عنه، ولا عن أحد من خلفائه من وجه يصحّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في أقوال أهل العلم في نصاب الذهب والفضّة:

قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: أجمع أهل العلم على أن نصاب الفضّة مائتا درهم، وأن فيه خمسة دراهم، واختلفوا فيما زاد على المائتين، فقال الجمهور: يُخرج مما زاد بحسابه ربع العشر، قلّت أم كثرت.

وممن قال به عليّ بن أبي طالب، وابن عمر، والنخعيّ، ومالك، وابن أبي ليلى، والثوريّ، والشافعيّ، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد، وأبو ثور، وأبو عبيد.

قال: وقال سعيد بن المسيّب، وطاوس، والحسن البصريّ، والشعبيّ، ومكحول، وعمرو بن دينار، والزهريّ، وأبو حنيفة: لا شيء في الزيادة على مائتين حتى تبلغ أربعين، ففيها درهم.

قال ابن المنذر: وبالأول أقول. ودليل الوجوب في القليل والكثير قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "في الرقة ربع العشر". أخرجه البخاريّ.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وبما رجّحه ابن المنذر أقول؛ لوضوح دليله. واللَّه تعالى أعلم.

قال النوويّ: وأما الذهب فمذهبنا أن نصابه عشرون مثقالاً، ويجب فيما زاد بحسابه ربع العشر، قلّت الزيادة أم كثرت، وبه قال الجمهور من السلف والخلف.

وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن الذهب إذا كان عشرين مثقالاً، وقيمتها مائتا درهم وجبت فيه الزكاة، إلا ما اختلف فيه عن الحسن، فروي عنه هذا، وروي عنه أنه لا زكاة


(١) - وسبب ضعفه كما نبّه عليه البيهقيّ أنّ الذين رووه عن عمرو بن شعيب كلهم ضعفاء. انتهى. قلت: رواه عنه عمر بن أبي عمر الكلاعيّ الدمشقيّ، وهو منكر الحديث. وعثمان بن عبد الرحمن الوقاصيّ، قال أبو حاتم: متروك الحديث ذاهب. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه، يكذب. ومحمد بن عبيد اللَّه العرْزَميّ، متروك.
(٢) - "المجموع" ج ٥ ص ٤٨٩ - ٤٩٠.