للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منظره شيء، فلا يسمى شكّا انتهى.

وإن كانت السماء في ليلة الثلاثين مُغِيمَة، فعن أحمد ثلاث روايات، قال الْخِرَقيّ: إن حال دون منظره غيم، أو قَتَرٌ، وجب صيامه، وقد أجزأ إذا كان من شهر رمضان.

قال ابن قدامة: اختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسألة، فرُوي عنه مثل ما نقل الخرقيّ، اختارها أكثر شيوخ أصحابنا، وروي عنه أن الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا، وإن أفطر أفطروا، وعن أحمد رواية ثالثة: لا يجب صومه، ولا يجزئه عن رمضان إن صامه. وهو قول أكثر أهل العلم انتهى. مختصرًا.

وفي "شرح الإقناع" للشافعية: ويكره صوم يوم الشكّ كراهة تنزيه. قال الإسنويّ: وهو المعروف المنصوص الذي عليه الأكثرون، والمعتمد في المذهب تحريمه، كما في "الروضة"، و"المنهاج"، و"المجموع"، إلا أن يوافق عادة له في تطوّعه، وله صومه عن قضاء، أو نذر، فلو صامه بلا سبب لم يصحّ، كيوم العيد، بجامع التحريم.

فإن قيل: هلا استُحِبّ صوم يوم الشكّ إذا أطبق الغيم؛ خروجًا من خلاف الإمام أحمد، حيث قال بوجوب صومه حينئذ.

أجيب بأنا لا نُراعي الخلاف إذا خالف سنة صريحة، وهي هنا خبر: "إذا غُمّ عليكم، فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين "، ويوم الشكّ هو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدّث الناس برؤيته -أي بلا ثبت- أو شهد بها عدد تُرَدّ شهادتهم، كصبيان، أو نساء، أو عبيد، أو فَسَقَة، وظُنَّ صدقهم، وإنما لم يصحّ صومه عن رمضان لأنه لم يثبت كونه منه انتهى.

وقال الدردير من المالكية: وإن غِيمَتِ السماءُ ليلة الثلاثين، ولم يُر الهلال، فصبيحته يوم الشكّ الذي نهُي عن صومه على أنه من رمضان، وأما لو كانت السماء فُصبيحتة لم يكن يوم شك؛ لأنه إن لم يُرَ كان من شعبان جزمًا، وصِيمَ يومُ الشكّ عادةً، وتطوّعًا، أي ابتداء بلا عادة، وقضاءً، ولنذر صادف، لا احتياطًا على أنه إن كان من رمضان احتسب به، وإلا كان تطوّعًا فلا يجوز. قال الدسوقيّ: وإذا صامه، وصادف أنه من رمضان فلا يجزئه؛ لتزلزل النيّة انتهى.

وعند الحنفية على المشهور في مذهبهم: يومُ الشكّ هو يوم الثلاثين من شعبان، وإن لم يكن في السماء علة من الغيم ونحوه؛ لعدم اعتبار اختلاف المطالع على ظاهر المذهب، وجوازِ تحقّق الرؤية في بلدة أخرى، هكذا في "الدرّ المختار" و"شرحه".

وقال السندي في "شرحه": حَمَلَ حديثَ عمار هذا علماؤُنا الحنفيّةُ على أن يصوم بنية رمضان شكًا، أو جزمًا، وأما إذا جزم بأنه نفل، فلا كراهة، وبعضهم قال بالكراهة