تعالى عنهما، أحد المكثرين السبعة، وأحد العبادلة الأربعة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (عَنْ رَسولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ) زاد البيهقيّ في "كتاب عذاب القبر": يعني سعد بن معاذ، وزاد في "دلائل النبوّة": قال الحسن: "تحرك له العرش فَرَحًا بروحه"(وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) أي فرحا بقدومه أيضًا (وَشَهِدَهُ سَبعُونَ أَلْفًا، مِنَ الْمَلَاِئِكَةِ) أي لتشييع جنازته (لَقَدْ ضُمَّ) بالبناء للمفعول (ضَمَّةً، ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ") وأخرج الإمام أحمد بسند صحيح من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "لَهَذا العبدُ الصالح، الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، شُدِّدَ عليه، ففرج اللَّه عنه". وقال مرة: قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، لسعد، يوم مات، وهو يدفن …
وأخرج أحمد، من حديث عائشة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "إن للقبر ضغطة، لو كان أحد ناجيًا منها، لنجا منها سعد بن معاذ". ورجاله رجال الصحيح غير الراوي عن عائشة - رضي اللَّه عنها -، فلم يسمّ. قال أبو القاسم السعديّ: لا ينجو من ضغطة القبر صالح، ولا طالح، غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها دوام الضغط للكافر، وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره، ثم يعود إلى الانفساح له.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يؤيده ما تقدّم في حديث البراء - رضي اللَّه عنه - الطويل عند إجابته لسؤال الملكين: "فينادي مناد من السماء، أن صدق عبدي، فأَفرِشوه من الجنة، وافتحوا له بابًا في الجنة، وألبسوه من الجنة، قال: فيأتيه من رَوْحها، وطيبها، ويفسح له فيها مدّ بصره". واللَّه تعالى أعلم.
وقال الحكيم الترمذيّ: سبب هذا الضغط أنه ما من أحد إلا وقد ألمّ بذنبٍ ما، فتدركه هذه الضطغة جزاء لها، ثم تدركه الرحمة، وكذلك ضغطة سعد بن معاذ في التقصير من البول.
قال السيوطيّ: يشير إلى ما أخرجه البيهقيّ، من طريق ابن إسحاق، حدثني أمية بن عبد اللَّه، أنه سأل بعض أهل سعد، ما بلغكم من قول رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في هذا؟، فقالوا: ذُكر لنا أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - سئل عن ذلك؟ فقال: "كان يقصّر في بعض الطهور من البول". وقال ابن سعد في "طبقاته": أخبرني شبابة بن سوّار، أخبرني أبو معشر، عن سعيد المقبريّ، قال: لما دفن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - سعدًا قال: "لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد، ولقد ضُمّ ضمةً، اختلفت منها أضلاعه، من أثر البول". وأخرج البيهقيّ عن الحسن: أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قال حين دفن سعد بن معاذ: "إنه ضُمّ في القبر ضمّةً حتى