للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابن حبّان -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: في ترك إنكاره - صلى اللَّه عليه وسلم - على من صلى معه على القبر بيان جواز ذلك لغيره، وأنه ليس من خصائصه انتهى. وتعقّب بأن الذي يقع بالتبعيّة لا ينهض دليلا للأصالة.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد عرفت فيما سبق أن هذا التعقّب غير صحيح، بل أنّ الاستدلال به صحيح، إذ لو كان خاصّا به - صلى اللَّه عليه وسلم -، أو تبعا له لبيّن أن هذه الصلاة لا تجوز إلا تبعًا لي. واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: أخرج البخاريّ في "صحيحه" من طريق أبي معاوية، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن ابن عباس، - رضي اللَّه عنهما -، قال: مات إنسان، كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يعوده، فمات بالليل، فدفنوه ليلا، فلما أصبح أخبروه، فقال: "ما منعكم أن تعلموني؟ "، قالوا: كان الليلُ، فكرهنا -وكانت ظلمة- أن نشق عليك، فأتى قبره، فصلى عليه.

قال في "الفتح": وقع في شرح سراج الدين عمر بن الملقّن، أنه الميت المذكور في حديث أبي هريرة الذي كان يقمّ المسجد، وهو وَهَمٌ منه، لتغاير القصّتين، فقد تقدّم أن الصحيح في الأول أنها امرأة، وأنها أم مِحْجَن، وأما هذا فهو رجل، واسمه طلحة بن البراء بن عُمير، الْبَلَويّ، حليف الأنصار، روى حديثه أبو داود مختصرًا، والطبرانيّ من طريق عروة بن سعيد الأنصاريّ، عن أبيه، عن حسين بن وَحْوَح الأنصاريّ، وهو بمهملتين بوزن جعفر: أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يعوده، فقال: "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به، وعجّلوا"، فلم يبلغ النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بني سالم بن عوف حتى توفي، وكان قال لأهله، لما دخل الليل: إذا متّ، فادفنوني، ولا تدعو رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فإني أخاف عليه يهودا أن يصاب بسببي، فأخبر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - حين

أصبح، فجاء، حتى وقف على قبره، فصفّ الناس معه، ثم رفع يديه، فقال: "اللَّهم القَ طلحة يضحك إليك، وتضحك إليه". انتهى (١).

(قُلْتُ) القائل هو سليمان الشيبانيّ (مَنْ هُوَ يَا أَبَا عَمْرٍو؟) كنية الشعبيّ، أي مَن هو الشخص الذي حدثك بهذا الحديث؟ (قَالَ) أي الشعبيّ (ابْنُ عَبَّاسٍ) أي هو ابن عباس، يعني أن الذي حدثه بهذه القصّة هو عبد اللَّه بن عباس - رضي اللَّه عنهما -، حيث إنه ممن صلى مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك القبر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٤٥٤.