فذكرته لأبي، فقال: هو كما قال: تفرد به المصنف، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط. قال الحافظ: وقع اسمه في "سنن النسائيّ" عبد اللَّه مكبّرًا، وكذلك ذكره صاحب "تهذيب الكمال"، وأما البخاريّ، ويعقوب بن سفيان، وغير واحد، ممن بعدهم، فذكروه في عُبيد اللَّه، مصغّرًا انتهى
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا قال في "تهذيب التهذيب" جـ٢ ص ٤٣٨: وقع اسمه في "سنن النسائي" مكبرًا، لكن الذي وقع في النسخ التي بين يَدَيّ من "المجتبى" و"الكبرى" أنه مصغر، ولعل ذلك لاختلاف النسخ. واللَّه تعالى أعلم. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من خماسيات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، لكنه مرسل؛ إذلم يذكر فيه الصحابيّ. (ومنها): أن رجاله كلهم ثقات. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عن رجل، يقال له: عبد اللَّه بن مُعيّة) -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، أنه (قَالَ: أُصِيبَ رَجُلَانِ، مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَوْمَ الطَّائِفِ) أي غزوة الطائف (فَحُمِلَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) إلى المكان الذي نزل فيه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَأَمَرَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (أَن يُدْفَنَا، حَيْثُ أُصِيبَا) ببناء الفعلين للمفعول، أي أمر أن يُقبَرا في المحلّ الذي أصابهما فيه القتل.
وهذا هو موضع جواب السؤال الذي أورده في الترجمة، فإنه يدلّ على أن الشهيد يُدفن في الموضع الذي قتل فيه، ولا يجوز نقله إلى موضع آخر، لأمره - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، وأمرُهُ للوجوب، إلا إذا كان هناك ضرورة، فيدفن في أيّ موضع أمكن. واللَّه تعالى أعلم.
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يحتمل أنّ المراد منع النقل إلى أرض أخرى، أو الدفن في خصوص البقعة التي أصيبا فيها، واللَّه تعالى أعلم انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الثاني هو الظاهر، فحيث أمكن الدفن في البقعة التي أصيب فيها، لا يدفن في غيرها، لظاهر النصّ. واللَّه تعالى أعلم (وَكَانَ ابْنُ مُعَيَّةَ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) لكن تقدّم أن حديثه مرسل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عبد اللَّه بن معيّة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هذا صحيح.
فإن قيل: كيف يصحّ، وقد تقدّم أنه مرسل؟
أجيب: بأنه وإن كان مرسلاً، لكن يشهد له حديث جابر - رضي اللَّه عنه - الآتي بعده، فيصحّ.