للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مدّ يده بالسوط نحوَهم، ليسوقهم به، ويُهَدِّدهم، حيث تركوا السنة، وهو الإسراع بالجنازة (وَقَالَ: خَلُّوا) أي اتركوا فعلكم هذا، ودعوا الناس يسرعون بالجنازة، كما هو السنّة.

وفيه فضل أبي بكرة - رضي اللَّه عنه -، حيث أزال المنكر، امتثالًا لأمره - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، حيث قال: "من رأى منكم منكرًا، فليغيّره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم (فَوَالَّذِي أَكْرَمَ وَجْهَ أَبِي الْقَاسِمِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) إنما خصّ الوجه، لأنه مجمع شرف الإنسان، ومظهر محاسنه، أو أراد به ذاته الشريفة - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإنما آثر القسم بهذه الصيغة حثّا لهم، وتأكيدًا على أن هذا الأمر من سنته - صلى اللَّه عليه وسلم -، فينبغي التمسّك به، والاهتمام باتباعه (لَقَدْ رَأَيْتُنَا) أي رأيت نفسي، وأصحاب النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَإِنَّا لَنَكَادُ) أي نقرُب (نَرْمُلُ بِهَا رَمَلاً) أي نسرع بالجناز، يقال: رَمَلَ رَمَلًا، من باب طَلَب، ورَمَلَانًا أيضًا: إذا هَرْوَل (١). قاله في "المصباح" (فَانْبَسَطَ الْقَوْمُ) أي انشرحوا لما سمعوا من أن سنة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في المشي بالجنازة هو الإسراع، خلاف ما هم عليه، ويحتمل أن يكون المعنى: فانبسطوا بسبب فتح الريق لهم، وتمكُّنِهِم من الإسراع بعد أن كانوا متضايقين بمنعهم عنه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي بكرة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٤٤/ ١٩١٢ و ١٩١٣ وفي "الكبرى" ٤٤/ ٢٠٣٩ و ٢٠٤٠ وأخرجه (د) ٣١٨٢ (أحمد) ١٩٨٦٢ و ١٩٨٧٥ و ١٩٨٨٧، وبقية المسائل تقدّمت قريبًا، والحديث صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٩١٣ - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ, وَهُشَيْمٍ, عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ أَبِي بَكْرَةَ, قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, وَإِنَّا لَنَكَادُ نَرْمُلُ بِهَا, رَمَلاً". وَاللَّفْظُ (٢) حَدِيثُ هُشَيْمٍ.


(١) - قال في "المصباح": هَرْول: أسرع في مشيه، دون الْخَبَب، ولهذا يقال: هو بين المشي والْعَدْو، وجعل جماعة الواوَ أصلا انتهى.
(٢) - وفي نسخة: "وهذا اللفظ".