من حديث عيسى بن يونس، عن ابن أبي عروبة، ثم قال: ورَوَى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضًا عن فطر، عن زُبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبيّ، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مثله، والبيهقيّ خرّج رواية فِطر، عن زُبيد، مصرّحةً بذكر القنوت قبل الركوع، ثم نقل كلام أبي داود، ولم يتعقّب عليه.
على أن ذلك رُوي عن زُبيد من وجه ثالث، قال النسائيّ في "سننه": أنا عليّ بن ميمون، ثنا مخلد بن يزيد، عن سفيان -هو الثوري- إلى آخر ما ذكره المصنف هنا، قال: وابن ميمون وثقه أبو حاتم، وقال النسائيّ: لا بأس به، ومخلد وثقه ابن معين، ويعقوب ابن سفيان، وأخرج له الشيخان. وأخرج ابن ماجه أيضًا هذا الحديث بسند النسائيّ، فظهر بهذا أن ذكر القنوت عن زبيد زيادة ثقة من وجوه، فلا يصير سكوتُ من سكت عنه حجةً على من ذكره.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما ذكر أن رواية زُبيد بزيادة القنوت قبل الركوع صحيحة؛ لاتفاق سفيان الثوريّ -كما هو عند المصنف هنا- ومسعر، وفِطر بن خليفة، كلهم عن زبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن، بزيادتها، وقد تابع زُبيدًا على زيادتها قتادةُ، فقد روى محمد بن نصر، قال: حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، ثنا سعيد -يعني ابن أبي عروبة- عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، قال: كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقرأ في الركعة الأولى من الوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة بـ {قُل هُوَ اَللهُ أَحَدٌ}، ويقنتُ. ومرة قال إسحاق: ثنا، فذكر السند إلى قوله: عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب - رضي اللَّه عنه -، فذكر الحديث سواءً، ثم قال: ويقنت قبل الركوع. انتهى. فظهر بهذا أن زُبيدًا لم ينفرد أيضًا بزيادة القنوت قبل الركوع (١).
والحاصل أن الحديث بزيادة القنوت قبل الركوع صحيح. واللَّه تعالى أعلم.
قال ابن التركمانيّ: وقد رُوي القنوت في الوتر قبل الركوع عن الأسود، وسعيد بن جبير, والنخعيّ، وغيرهم، رواه عنهم ابن أبي شيبة في "مصنّفه" بأسانيده، وقال أيضًا: ثنا أبو خالد الأحمر، عن أشعث، عن الحَكَم، عن إبراهيم، قال: كان عبد اللَّه لا يقنت في السنة كلها في الفجر، ويقنت في الوتر كلّ ليلة قبل الركوع، قال أبو بكر -هو ابن أبي شيبة-: هذا القول عندنا، وقال أيضًا: ثنا يزيد بن هارون، ثنا هشام الدستوائيّ، عن حماد -هو ابن أبي سليمان- عن إبراهيم، عن علقمة، أن ابن مسعود، وأصحاب