وفى عصرنا كان الموفق حجة … على فقهه، يثبت الأصول محولى
كفى الخلق بالكافى، وأقنع طالبا … بمقنع فقه عن كتاب مطول
وأغنى بمغنى الفقه من كان باحثا … وعمدته من يعتمدها يحصل
وروضته ذات الأصول كروضة … أماست بها الأزهار أنفاس شمأل
ندل على المنطوق أوفى دلالة … وتحمل فى المفهوم أحسن محمل
وللشيخ موفق الدين نظم كثير حسن. وقيل: إن له قصيدة فى عويص اللغة طويلة. وله مقطعات من الشعر. فمنها قوله:
أتغفل يا ابن أحمد والمنايا … شوارع تختر منك عن قريب
أغرك أن تخطيك الرزايا … فكم للموت من سهم مصيب؟
كئوس الموت دائرة علينا … وما للمرء بد من نصيب
إلى كم تجعل التسويف دأبا … أما يكفيك إنذار المشيب؟
أما يكفيك أنك كل حين … تمرّ بغير خلّ أو حبيب؟
كأنك قد لحقت بهم قريبا … ولا يغنيك إفراط النحيب
قال سبط ابن الجوزى: وأنشدنى الموفق لنفسه:
أبعد بياض الشعر أعمّر مسكنا … سوى القبر؟ إنّي إن فعلت لأحمق
يخبرنى شيبى بأنى ميت … وشيكا، وينعانى إلىّ، فيصدق
تخرق عمرى كل يوم وليلة … فهل مستطيع رفق ما يتخرق
كأنى بجسمى فوق نعشى ممددا … فمن ساكت أو معول يتحرق
إذا سئلوا عنى أجابوا وأعولوا … وأدمعهم تنهل: هذا الموفق
وغيبت فى صدع من الأرض ضيق … وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق
ويحثو علىّ الترب أوثق صاحب … ويسلمنى للقبر من هو مشفق
فيا رب كن لى مؤنسا يوم وحشتى … فإنى لما أنزلته لمصدق