للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وذكر أبو شامة: أن الشهاب الطوسى لما دخل مصر كان يجرى بينه وبين زين الدين العجائب من السباب ونحوه، فإن الطوسى كان أشعريا، وهذا حنبلى. وكلاهما واعظ.

قال: وجلس ابن نجية يوما فى القرافة بالجامع، فوقع عليه وعلى جماعة ممن عنده السقف، فعمل الطوسى خطبة، وذكر فيها قوله تعالى (٢٦:١٦ {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ)}. وجاء يوما كلب يشق الصفوف، فقال ابن نجية: هذا من هناك، وأشار إلى مكان الطوسى.

وذكر ناصح الدين بن الحنبلى: أن ابن نجا نشأ له ولد حسن الصورة.

فلما بلغ أخذ فى سبيل اللهو، فدعا عليه، فمات. فحضر الناس والدولة لأجله، فلما وضعوا سريره فى المصلى نصبوا للشيخ كرسيا إلى جانبه، فصعد عليه، وحمد الله تعالى، وقال: اللهم إن هذا ولدى بلغ من العمر تسع عشرة سنة، لم يجر عليه فيها قلم إلا بعد خمس عشرة سنة، بقى له ثلاث سنين، نصفها نوم، بقى عليه سنة ونصف، قد أساء فيها إلىّ وإليك. فأما جنايته علىّ فقد وهبتها له. بقى الذى لك فهبه لى. فصاح الناس بالبكاء. ونزل فصلى عليه.

قال: وكان زين الدين كريما. وله سماط يؤكل عنده، وتوسعة فى النفقة.

وقال ابن المظفر سبط ابن الجوزى: كان ابن نجية قد اقتنى أموالا عظيمة، وتنعم تنعما زائدا، بحيث أنه كان فى داره عشرون جارية للفراش، كل جارية تساوى ألف دينار. وأما الأطعمة فكان يعمل فى داره ما لا يعمل فى دور الملوك.

وتعطيه الملوك والخلفاء أموالا عظيمة كثيرة. قال: ومع هذا مات فقيرا، كفنه بعض أصحابه.

والذى ذكره ناصح الدين بن الحنبلى: أن ابن نجا ضاق صدره فى آخر عمره من دين عليه، وأن الملك العزيز عثمان لما عرف ذلك أعطاه ما يزيد على أربعة آلاف دينار مصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>