الأخلاق، وكرم الأعراق، والمجد المؤثل، والرأى المحصل، والفضل والنجابة، والفهم والإصابة، والقريحة الصافية، والمعرفة بكل فضل وفضيلة، والسمو إلى كل درجة رفيعة نبيلة من محمود الخصال، والفضل والكمال ما يطول شرحه.
ثم ذكر تنقله فى الولايات حتى ولاه الخليفة الوزارة فى شوال سنة ثلاث وثمانين وجلس الخليفة له وخواص الدولة لخلعته. ثم ركب إلى الديوان وبين يديه جميع أرباب الدولة: قاضى القضاة أبو الحسن بن الدامغانى، والنقيبان، وجميع الأمراء
وذكر غيره: أنه كان يوما وعثا ذا وجل، وهم مشاة بين يديه. وكان قاضى القضاة قد توقف فى قبول شهادة ابن يونس، فلم يقبلها إلا بكره. حتى صار من شهوده. فكان يمشى فى ذلك اليوم ويعثر، ويقول: لعن الله طول العمر.
ومات القاضى رحمه الله فى آخر تلك السنة.
وفى سنة أربع وثمانين أرسل الخليفة الناصر الوزير ابن يونس مع عسكر عظيم لمحاربة السلطان طغرل بن أرسلان، فلقيهم طغرل بقرب همدان، فتفرق عسكر الوزير، وثبت وبيده سيف مشهور ومصحف، فلم يقدموا عليه، حتى أخذ بعض خواص السلطان بعنان دابته وقادها إلى خيمته، ثم أنزله وأجلسه، فجاء إليه السلطان فى خواصه ووزيره، فلزم معهم قانون الوزارة، ولم يقم لهم فعجبوا من فعله. وكلمهم بكلام خشن، وقال لهم: أمير المؤمنين لما بلغه عبثكم فى البلاد، وخروجكم عن الأوامر الشرعية أمر بمجاهدتكم، فاحترموه وأكرموه، وبقى عندهم مدة. وكان فى تلك المدة يسرد الصيام، ويديم التهجد والتلاوة، ويحافظ على الجماعات فى الفرائض. ثم نقلوه معهم إلى بعض بلاد أذربيجان فتلطف فى التخلص منهم، حتى خلص. وسار إلى الموصل. وكان الخليفة قد استوزر فى هذه المدة غيره. وكان هذا الوزير الجديد قد بعث إلى أقطار البلاد فى إهلاك ابن يونس. فلما وصل إلى الموصل، خرج أميرها وسأله المقام ليقبض عليه، فانفلت منه، ونزل فى سفينة وبعض حواشيه، وانحدروا ليلا إلى تكريت،