للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المولد البغدادى الدار، الفقيه الزاهد أبو الحسين ابن الشيخ أبى عمرو المتقدم ذكره.

خرج من مصر قديما، واستوطن بغداد. وقد سبق فى ترجمة أبيه سبب قدومه إلى بغداد، وتفقه بها فى المذهب على أبى الفتح بن المنى، ولازم درسه.

وسمع من أبى محمد بن الخشاب وغيره، وحصل له القبول التام من الخاص والعام، وكان ورعا زاهدا عابدا.

قرأت بخط ناصح الدين بن الحنبلى فى حقه: كان مشتغلا بحفظ كتاب الوجهين والروايتين، تصنيف القاضى أبى يعلى. وكان من الزهد، والصلاح، والتطهير، والتورع فى المأكول على صفة تعجز كثيرا من المجتهدين فى العبادة.

وكان يمشى مطرق الرأس، يلتقط الأوراق المكتوبة، حتى اجتمع عنده من ذلك شئ كثير، فيحمله بحمال إلى الشاطئ فيتولى غسله، ويرسله مع الماء.

وكان لا يستقضى أحدا حاجة إلا أعطاه أجره، ولو أشعل له سراجا.

وذاكرته فى خلوة فى القول بخلق أفعال العباد، فأقربه، ولم يكن على ما ذكره من مذهب والده فى ذلك، فسررت بذلك.

ورأى رجل فى بغداد النبىّ صلّى الله عليه وسلم، وهو يقول: لولا الشيخ سعد نزل بكم بلاء، أو كما قال.

ثم سعى الشيخ سعد إلى الجمعة وما عنده خبر بهذا المنام، فانعكف الناس به يتبركون به وازدحموا، فرموه مرات، وكأن مناديا ينادى فى قلوب الناس، وهو يقول: أعوذ بالله من الفتنة، إيش بى؟ إيش بالناس؟ حتى ضرب الناس عنه وخلص منهم.

وقال القادسى: هو أحد الزهاد الأبدال الأوتاد، ومن تشد إليه الرحال، ومن كان لله عليه إقبال الصائم فى النهار، القائم فى الظلام.

قدم بغداد. وسكن برباط الشيخ عبد القادر، وما كان يقبل من أحد شيئا، ولا يغشى باب أحد من السلاطين. كان ينفذ له فى كل عام شئ من ملك له بمصر يكفيه طول سنته.

<<  <  ج: ص:  >  >>