فلما صلّى عليه عاد الزحام والخصام والاحتشاد فى أبواب الجامع، على وجه ما شوهد مثله إلا ما شاء الله.
وذكروا: أنه كان أوصى أن يدفن فى دار بعض أهله جنب مسجده، فحمل إلى الموضع، ودفن فيه، وفتح موضع فى المسجد إلى قبره لزيارة الناس.
وقال ابن القطيعى: حضر جنازته قاضى القضاة أبو الحسن بن الدامغانى، ودفن بداره الملاصقة لمسجده، ثم قطع موضع قبره من الدار، وأدخل إلى مسجده بالمأمونية رأس درب السيدة. رحمه الله تعالى.
وذكر جامع سيرته، قال: حدثنى الحافظ أبو بكر محمد بن عثمان الحازمى، وكتبه لى بخطه، قال: رأيت الشيخ الإمام الفقيه أبا الفتح بن المنى فى المنام بعد موته، وكأنه فى موضع كبير واسع، وهو فرحان مسرور، وعليه ثياب بيض شديدة البياض، وعلى رأسه طرحة، فجعلت أسلم عليه وأكلمه. وكان بيننا ثمّ ستر كبير.
وكلام هذا معناه لم أحفظه.
قال صاحب سيرته: ورأيته أنا فى المنام، فسلمت عليه، فالتفت إلىّ كالمعتب وكأنه يقول لى: استبشر بقدومى. وما زالوا من صلاة المغرب يضربون بالصّوالى.
ولو رأيت الجمع الذى كان. وكلاما آخر لم أفهمه. رضى الله عنه.
قال: ورثاه رفيقنا النجم عبد المنعم بن على بن الصقال الحرانى، أحد أصحابه، وأملاه علىّ من لفظه:
إلام يشجيك ذكر الربع والطلل … ويستخف بهاك الفنج فى المقل
فإن دعاك دَدِدٌ لبيت دعوته … مدلها غير منقاد إلى العذل
ذر الهوى فعطاياه معاطبه … وجوده بالمنى شر من البخل
ولا تصخ لقريض بعدها أبدا … وإن توحد فى مدح وفى غزل
ما لم ترث قوافيه التى جمعت … صفاته الغربين: العلم والعمل
ومن غدا ناصر الإسلام يحرسه … بهمة لم يقصر عن سما زحل