وحدث بالكثير. حدثنا عنه الفقيه أبو عبد الله حمد بن صديق بحران.
وقال ابن القطيعى: كان أحد المحدثين مع صلابته فى الدين، واشتهاره بالسنة، وقراءة القرآن. وجرت بينه وبين صاحب المنتظم - يعنى: أبا الفرج بن الجوزى - نفرة كان سببها الطعن على يزيد بن معاوية. وكان عبد المغيث يمنع من سبه. وصنف فى ذلك كتابا، وأسمعه. وصنف الآخر كتابا سماه «الرد على المتعصب العنيد، المانع من ذم يزيد» وقرأته عليه. ومات عبد المغيث وهما متهاجران.
قلت: هذه المسألة وقع بين عبد المغيث وابن الجوزى بسببها فتنة، ويقال: إن عبد المغيث تتبع أبا الحسن بن البناء، فقيل: إنه صنف فى منع ذم يزيد ولعنه، وابن الجوزى صنف فى جواز ذلك. وحكى فيه: أن القاضى أبا الحسن صنف كتابا فيمن يستحق اللعن، وذكر منهم يزيد، وذكر كلام أحمد فى ذلك.
وكلام أحمد إنما فيه لعن الظالمين جملة، ليس فيه تصريح بجواز لعن يزيد معينا.
وقد ذكر القاضى فى المعتمد: نصوص الإمام أحمد فى هذه المسألة، وأشار إلى أن فيها خلافا عنه.
وقرأت بخط يحيى بن الصيرفى الفقيه الحرانى، قال: حكى لى: أنه كان يوما فى زيارة قبر الإمام أحمد - يعنى الشيخ عبد المغيث - وأن الخليفة الناصر، وافاه فى ذلك اليوم عند قبر الإمام أحمد، فقال له: أنت عبد المغيث الذى صنف مناقب يزيد؟ فقال: معاذ الله أن أقول: إن له مناقب، ولكن من مذهبى: أن الذى هو خليفة المسلمين إذا طرأ عليه فسق لا يوجب خلعه. فقال: أحسنت يا حنبلى، واستحسن منه هذا الكلام، وأعجبه غاية الإعجاب.
قال ابن الصيرفى: ولقد حكى لى شيخنا محب الدين أبو البقاء: أن الشيخ جمال الدين بن الجوزى كان يقول: إنّي لأرجو من الله سبحانه أن أجتمع أنا وعبد المغيث فى الجنة. قال: وهذا يدل على أنه كان يعلم أن الشيخ عبد المغيث من عباد الله الصالحين، فرحمة الله عليهما.