أحدها: العمل به، فإن من كلف نفسه التكلم بالعربية، دعاه ذلك إلى حفظ النحو. ومن سأل عن المشكلات ليعمل فيها بمقتضى الشرع تعلم.
والثانى: التعليم، فإنه إذا علم الناس كان أدعى إلى تعليمه.
والثالث: التصنيف، فإنه يخرجه إلى البحث، ولا يتمكن من التصنيف من لم يدرك غور ذلك العلم الذى صنف فيه.
قال: وسمعته يقول: الحكمة فى اختصاص المرأة بالحيض: أنها تحمل الولد، والولد مفتقر إلى الغذاء، فلو شاركها فى غذائها، لضعفت قواها، ولكن جعلت له فضلة من فضلاتها، إن حملت فهى قوته، وإن لم تحمل اندفعت، فإذا ولدت توفرت تلك الفضلة على اللبن.
قال: وسمعته يقول لبعض من يأمر بالمعروف: اجتهد أن تستر العصاة؛ فإن ظهور معاصيهم عيب فى أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب.
وسمعته يقول: الأيام قد ذهبت، والأعمار قد نهبت، والنفوس باتباع الهوى قد التهبت، وما يطلب منها شئ من الخير إلا أبت، وبيوت التقوى من القلوب قد خربت.
وسمعته يقول: نظر العامل إلى عمله بعين الثقة به فى باب النجاة، أضر على العصاة من تفريطهم، وقال: لولا الظلم الجائر ما حصلت الشهادة للشهيد، ولولا أهل المعاصى، ما بانت بلوى الصابر فى الأمر بالمعروف، ولو كان المجرمون ضعفاء لقهروا، فلم يحصل ذلك المعنى.
وكان يقول فى قوله تعالى:(١٢٣:٦ {وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها)} إنه على التقديم والتأخير، أى: جعلنا مجرميها أكابر. وقال: البحر محيط بالأرض، وخلجانه تتخلل الأرض. والريح تهب على الماء، وتمر على الأرض، فيعتدل النسيم بالرطوبة. ولو كان ماء البحر عذبا لأنتن؛ لكونه واقفا، فكانت الريح إذا هبت عليه أوقعت الوباء فى الخلق، ولكنه جعل مالحا، ليحصل منه نفع الرطوبة، ولا يقع به فساد.