وأخاهما لامهما: إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرق لها.
فقلت له: يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فو الله لو قد آذى أمك القمل لا متشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت.
فقال: أبر قسم أمي، ولي هنالك مال فاخذه.
فقلت: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريشاً مالاً فلك نصف مالي، ولا تذهب معهما، فأبى علي إلا أن يخرج معهما.
فلما أبى إلا ذلك قلت: أما إذا قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها، فخرج عليهما معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: والله يا أخي لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى.
قال: فأناخ وأناخ ليتحول عليها، فلما استووا بالارض عدوا عليه فأوثقاه رباطاً، وفتناه فافتتن، ودخلا به مكة نهاراً موثقاً، ثم قالا: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.
قال عمر: فكنا نقول: ما الله تعالى بقابل ممن افتتن صرفاً ولا عدلاً ولا توبة، قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم.