أن روحه فيما بين الأرواح البشرية عظيمة عالية الدرجة كأنها لقوتها وشدة كمالها كانت من جنس أرواح الملائكة.
قال الحليمي: وإنما وصف خُلقه -صلى الله عليه وسلم- بالعظيم مع أن الغالب وصف الخلق بالكرم، لأن كرم الخُلق يُراد به السماحة والدماثة، ولم يكن خُلُقه -صلى الله عليه وسلم- مقصوراً على ذلك بل كان رحيماً بالمؤمنين رفيقاً بهم، شديداً على الكفار غليظاً عليهم، مهيباً في صدور الأعداء، منصوراً بالرعب منهم على مسيرة شهر، فكان وصف خُلقه بالعظيم أولى ليشمل: الإنعام، والانتقام.
وقال الجنيد: وإنما كان خُلقه -صلى الله عليه وسلم- عظيماً لأنه لم يكن له همة سوى الله تعالى.
وقيل: لأنه -صلى الله عليه وسلم- عاشر الخلق بخلقه وباينهم بقلبه. وقيل: لاجتماع مكارم الأخلاق فيه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (بعثت لأتمم حسن الأخلاق)(١).
فجميع الأخلاق الحميدة كلها كانت فيه -صلى الله عليه وسلم-، فإنه أُدب بالقرآن كما قالت عائشة رضي الله عنها:(كان خلقه القرآن)، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- مجبولاً على الأخلاق الكريمة في أصل خلقته الزكية النقية، لم يحصل له
(١) رواه مالك في "الموطأ" وأحمد عن أبي هريرة، وحسنه الألباني رحمه الله في "المشكاة" (٣/ ١٤١١) رقم (٥٠٩٦).