قلت: وقد استدل المانعون بقوله تعالى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} {النور: ٣٠ - ٣١}. فالأمر بغض البصر هنا عام في كل نظر سواء كان بشهوة أو بغير شهوة.
القول الثاني: إن نظر المرأة للرجل جائز إذا كان بلا شهوة، واستدلوا على ذلك بأدلة أشهرها ما يلي:
• حديث فاطمة بنت قيس في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لها بالعدة في بيت ابن أم مكتوم بقوله:(اعتدي عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعين ثيابك … ) رواه مسلم. وهذا أمر صريح لها بالسكنى عند ابن أم مكتوم، فلو كان النظر إلى الرجل حراماً لأمرها بغض بصرها عنه عقب أمره لها بالسكنى عنده، وهذه الحادثة في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة بدليل سؤالها للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد انقضاء عدتها، واستشارتها له في نكاح رجال خطبوها منهم معاوية بن أبي سفيان، ومعاوية -رضي الله عنه- من مسلمة الفتح.
• حديث عائشة رضي الله عنها قالت:(لقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد، ورسول الله يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم) متفق عليه.
وهذا الإذن من النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة فيه دليل على أن النظر إلى الرجال بلا شهوة غير محرم.