للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينقَضْ بالاحْتمالِ. فإنْ جاءَ ثالِثٌ، فادَّعاها، وأقامَ بها بَيِّنَةً، فبَيِّنتُه وبَيِّنَةُ زيدٍ مُتَعارِضَتان، ولا يحْتاجُ زيدٌ إلى إقامةِ بَيِّنَتِه؛ لأنَّها قد شَهِدتْ مَرَّةً، وهما سواءٌ فى الشَّهادَةِ حالَ التَّنازُعِ، فلم يَحْتَجْ إلى إعَادَتِها، كالبَيِّنَةِ إذا شَهِدتْ، وَوقَف الحكمُ على البَحْثِ عن حالِها، ثم بانَتْ عدالتُها، فإنَّها تُقْبَلُ، ويُحْكَمُ بها (٢٧) من غيرِ إعادَةِ شهادَتِها، كذا ههُنا.

فصل: وإذا كان فى يَدِ رَجُلٍ شاةٌ، فادَّعاها رَجُلٌ أنَّها له منذ سنَةِ، وأقامَ بذلك بَيِّنَةً، وادَّعَى الذى هى فى يَدِه أنَّها فى يَدِه (٢٨) منذُ سَنَتَيْن، وأقامَ بذلك بَيِّنَة، فهى للمُدَّعِى، بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ بَيِّنَتَه تَشْهَدُ له بالمِلْكِ، وبَيِّنَةُ الدَّاخِلِ تشْهَدُ باليَدِ خَاصَّةً، فلا تعارُضَ بينَهما، لإِمْكَانِ الجَمع بيْنَهما، بأنْ تكونَ اليَدُ عن (٢٩) غيرِ ملكٍ، فكانت بَيِّنةُ المِلْكِ أوْلَى. فإنْ شَهدتْ بَيِّنَةٌ بأنَّها مِلْكُه منذ سنَتيْن، فقد تعَارَضَ تَرْجِيحَان، تَقدُّمُ التَّارِيخِ من جِهَةِ (٣٠) بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ، وكَوْنُ الأُخرَى بَيِّنَةَ الخَارِجِ، ففيه رِوَايَتان؛ إحدَاهما، تُقدَّمُ بَيِّنةُ الخَارِجِ. وهو قَوْلُ أبى يوسف، ومحمدٍ، وأبى ثَوْرٍ. ويَقْتَضِيه عُمومُ كَلامِ الْخِرَقِىِّ؛ لقَوْلِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِى"، ولأنَّ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ يجُوزُ أَنْ يكون مُسْتَنَدُها اليَدَ، فلا تُفِيدُ أكثرَ ممَّا تُفِيدُه اليَدُ، فأشْبَهتِ الصُّورَةَ التى قَبْلَها. والثَّانية، تُقدَّم بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ. وهو قَوْلُ أبى حَنِيفة، والشَّافِعِىِّ؛ لأنَّها تضَمَّنَتْ زِيادَةً. فإنْ كانتْ بالعَكْسِ، فشَهِدتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ أنَّه يملِكها منْذُ سَنَةٍ، وشَهِدتْ بَيِّنَةُ الخَارِجِ أنَّه يَمْلِكها مُنذ سَنَتَيْن، قُدِّمت بَيِّنَةُ الخَارِجِ، إلا على الرِّوَايَةِ التى تُقَدَّمُ فيها بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ، فيُخَرَّجُ فيها وَجْهان؛ بِناءً على الرِّوَايَتَيْن فى التى قبلَها. وظَاهِرُ مذهبِ الشَّافِعِىِّ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ على كُلِّ حَالٍ. وقال بعضُهم: فيها قوْلان. وإن ادَّعَى الخَارِجُ أنَّها مِلْكُه منذُ سَنَةٍ، وادَّعَى الدَّاخِلُ أنَّه اشْتَرَاها منه منذُ سَنَتَيْن، وأقام كُلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنَةً، قُدِّمتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ. ذكَرَه القاضى. وهو قوْلُ أبى ثَوْرٍ. فإن اتَّفَقَ تاريخُ البَيِّنَتَيْن (٣١)، إِلَّا أَنَّ بَيِّنَةَ


(٢٧) سقط من: م.
(٢٨) فى الأصل، أ، ب: "يديه".
(٢٩) فى م: "على".
(٣٠) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٣١) فى م: "السنين".

<<  <  ج: ص:  >  >>