للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعْرِفُه إلَّا من حَدِيثِ رِشْدِين بن سَعْدٍ، وقد ضَعَّفَهُ بعضُ أهْلِ العِلْمِ من قِبَلِ حِفْظِه، فأمَّا الإِمامُ إذا لم يَجِدْ طَرِيقًا، فلا يُكْرَهُ له التَّخَطِّي، لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ.

فصل: فإن رَأى فُرْجَةً لا [يَصِلُ إليها] (٢٦) إلَّا بالتَّخَطِّي، ففيه رِوَايَتانِ: إحْدَاهُما، له التَّخَطِّي. قال أحمدُ: يَدْخُلُ الرَّجُلُ ما اسْتَطَاعَ، ولا يَدَعُ بين يَدَيْهِ موضِعًا فارغًا، فإن جَهِلَ فَتَرَكَ بين يَدَيْهِ خَاليًا فَلْيَتَخَطَّ الذي يَأْتِي بعده، ويَتَجَاوَزْه إلى المَوْضِعِ الخالِي، فإنَّه لا حُرْمَةَ لمن تَرَكَ بين يَدَيْهِ خَاليًا، وقَعَدَ في غيرِه. وقال الأوْزَاعِيُّ: يَتَخَطَّاهُم إلى السَّعَةِ. وقال قَتادَةُ: يَتَخَطَّاهُمْ إلى مُصَلَّاهُ. وقال الحسنُ: تَخَطُّوا رِقابَ الذين يَجْلِسُونَ على أبْوَابِ المَساجِدِ، فإنَّه لا حُرْمَةَ لهم. وعن أحمد، رِوَايَةٌ أخْرَى، إنْ كان يَتَخَطَّى الواحِدَ والاثْنَيْنِ فلا بَأْسَ؛ لأنَّه يَسِيرٌ، فَعُفِي عنه، وإن كَثُرَ كَرِهْناه. وكذلك قال الشَّافِعِيُّ، إلَّا أنْ لا يَجدَ السَّبيلَ إلى مُصَلَّاهُ إلَّا بأن يَتَخَطَّى، فيسَعُه التَّخَطِّي، إن شاء اللهُ تعالى. ولَعْلَّ قَوْلَ أَحمدَ، ومن وَافَقَهُ في الرِّوَايَةِ الأُولَى، فيما إذا تَرَكُوا مَكانًا وَاسِعًا، مثل الذين يَصُفُّونَ في آخِرِ المَسْجدِ، ويَتْرُكُونَ بين أيْدِيهم صُفُوفًا خَالِيَةً، فهؤلاءِ لا حُرْمَةَ لهم. كما قال الحسنُ؛ لأنَّهم خَالَفُوا أمْرَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَرَغِبُوا عن الفَضِيلَة وخَيْرِ الصُّفُوفِ، وجَلَسُوا في شَرِّهَا، ولأنَّ تَخَطِّيَهم ممَّا لا بُدَّ منه، وقولَه الثَّانِي في حَقِّ مَن لم يُفرِّطُوا (٢٧)، وإنَّما جَلَسُوا في مَكانِهِم؛ لامْتِلاءِ ما بين أيديهم، لكنْ فيه سَعَةٌ يُمْكِنُ الجُلُوسُ فيه لازْدِحَامِهِمْ، ومتى (٢٨) لم يُمْكِن الصلاةُ إلَّا بالدُّخُولِ


= وأخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كراهية التخطي يوم الجمعة، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذي ٢/ ٣٠١. وابن ماجه، في: باب ما جاء في النهي عن تخطي الناس يوم الجمعة، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٣٥٤. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٣٧.
(٢٦) في الأصل، أ: "يصلها".
(٢٧) في الأصل: "يفرط".
(٢٨) في م زيادة: "كان".

<<  <  ج: ص:  >  >>