للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له، وإنَّما هى من الصِّبْغِ الذى فيه. فأمَّا إنْ فَرَشَ فَوْقَ الثَّوْبِ ثَوْبًا صَفِيقًا يَمنَعُ الرَّائِحَةَ والمُبَاشَرَةَ، فلا فِدْيَةَ عليه بالجُلُوسِ والنَّوْمِ عليه. وإن كان الحَائِلُ بينهما ثِيَابَ بَدَنِه، ففيه الفِدْيَةُ؛ لأنَّه يُمْنَعُ من اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ فى الثَّوْبِ (٩) الذى عليه، كمَنْعِهِ من اسْتِعْمَالِه فى بَدَنِه.

٥٨٢ - مسألة؛ قال: (وَلَا بَأْسَ بِمَا صُبِغَ بالْعُصْفُرِ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ العُصْفُرَ ليس بِطِيبٍ، ولا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِه وشَمِّه، ولا بما صُبِغَ به. وهذا قولُ جابِرٍ، وابنِ عمرَ، وعبدِ اللهِ بن جعفرٍ، وعَقِيلِ بن أبى طالِبٍ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ. وعن عائشةَ، وأسْمَاءَ، وأَزْوَاجِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَّهُنَّ كُنَّ يُحْرِمْنَ فى المُعَصْفَرَاتِ (١). وكَرِهَهُ مَالِكٌ إذا كان يَنْتَفِضُ فى جَسَدِه (٢)، ولم يُوجِبْ فيه فِدْيَةً. ومَنَعَ منه الثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدُ بن الحسنِ، وشَبَّهُوهُ بالمُوَرَّسِ والمُزَعْفَرِ؛ لأنَّه صِبْعٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، فأشْبَهَ ذلك. ولَنا، ما رَوَى أبو دَاوُدَ (٣)، بإسْنَادِهِ عن ابنِ عمرَ، أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى النِّسَاءَ فى إحْرَامِهِنَّ عن القُفَّازَيْنِ والنِّقَابِ، وما مَسَّ الوَرْسَ والزَّعْفَرَانَ من الثِّيَابِ، ولْتَلْبَس بعدَ ذلك ما أحَبَّتْ من أَلْوَانِ الثِّيَابِ، من مُعَصْفَرٍ، أو خَزٍّ، أو حَلْىٍ، أو سَرَاوِيلَ، أو قَمِيصٍ، أو خُفٍّ. ورَوَى (٤) الإِمامُ أحمدُ، فى المَنَاسِكِ، بإسْنَادِه عن عائشةَ بِنْتِ سَعْدٍ (٥)، قالتْ: كُنَّ (٦) أزْوَاجَ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْرِمْنَ (٧) فى المُعَصْفَرَاتِ. ولأنَّه


(٩) سقط من: أ، ب.
(١) تقدم تخريجه فى صفحة ١٤١.
(٢) فى م: "بدنه".
(٣) فى: باب ما يلبس المحرم، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٢٤.
كما أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٢.
(٤) فى الأصل، أ: "ورواه".
(٥) هى بنت سعد بن أبى وقاص، رضى اللَّه عنه، تقدم التعريف بها فى ٢/ ٣٩٧، وقيل: إنها رأت ستا من أمهات المؤمنين.
(٦) فى ب، م: "كنا".
(٧) فى ب، م: "نحرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>