بهذا الشَّرْطِ، بل الظَّاهِرُ أنَّ أهْلَ بَرِيرَةَ حينَ بَلَغَهُم إنْكَارُ النبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا الشَّرْطَ تَرَكُوهُ، ويَحْتَمِلُ أنَّ الشَّرْطَ كان سابِقًا لِلْعَقْدِ، فلم يُؤَثِّرْ فيه.
فصل: وعليه رَدُّ المَبِيعِ، مع نَمائِه المُتَّصِلِ والمُنْفَصِلِ، وأُجْرَةِ مثلِه مُدَّةَ بَقائِهِ فى يَدِه، وإن نَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَه؛ لأنَّها جُمْلَةٌ مَضْمُونَةٌ، فأجْزاؤُها تكونُ مَضْمُونَةً أيضًا. فإن تَلِفَ المَبِيعُ فى يَدِ المُشْتَرِى، فَعَليه ضَمانُه بِقِيمَتِه يَوْمَ التَّلَفِ. قالَه القاضى. ولأنَّ أحمدَ نَصَّ عليه فى الغَصْبِ، ولأنَّهُ قَبَضَه بإذْنِ مالِكِه، فأشْبَه العارِيَّةَ. وذَكَرَ الخِرَقِيُّ فى الغَصْبِ، أَنَّه يَلْزَمُه قِيمَتُه أَكْثَرَ ما كانَتْ، فيُخَرَّجُ هاهُنا كذلك، وهو أولَى؛ لأنَّ العَيْنَ كانَتْ على مِلْكِ صاحِبِها فى حالِ زِيادَتِها، وعليه ضَمانُ نَقْصِها مع زِيادَتِها، فكذلك فى حالِ تَلَفِها، كما لو أتْلَفَها بالجِنايَةِ، ولأصْحابِ الشَّافِعِيِّ وَجْهانِ كهذَيْنِ.
فصل: فإن كان المَبِيعُ أمَةً، فَوَطِئَها المُشْتَرِى، فلا حَدَّ عليه؛ لاعتقادِه أَنَّها مِلْكُه، ولأنَّ فى المِلْكِ اخْتِلافًا. وعليه مَهْرُ مِثْلِها؛ لأنَّ الحَدَّ إذا سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ، وجَبَ المَهْرُ. ولأنَّ الوَطْءَ فى مِلْكِ الغيرِ يُوجِبُ المَهْرَ. وعليه أَرْشُ البَكارَةِ، إن كانت بِكْرًا. فإن قِيلَ: أليس إذا تَزَوَّجَ امْرَأةً تَزْوِيجًا فاسِدًا، فوَطِئَها، فأزالَ بَكَارَتَها، لا يَضْمَنُ البَكارَةَ؛ قُلْنا: لأنَّ النِّكاحَ تَضَمَّنَ الإِذْنَ فى الوَطْءِ المُذْهِبِ لِلبَكارَةِ؛ لأنَّه مَعْقُود على الوَطْءِ، ولا كذلك البَيْعُ، فإنَّه ليس بمَعْقُودٍ على الوَطْءِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّه يَجُوزُ شِراءُ من لا يَحِلُّ وَطْؤُها، ولا يَحِلُّ نِكاحُها. فإنْ قيل: فإذا أوْجَبْتُمْ مَهْرَ بِكْرٍ، فكيف توجِبُونَ ضَمانَ البَكارَةِ، وقد دَخَلَ ضَمانُها فى المَهْرِ؟ وإذا أوْجَبْتُمْ ضَمانَ البَكارَةِ، فكيف تُوجِبُونَ مَهْرَ بِكْرٍ، وقد أدَّى عِوَضَ البَكارَةِ بِضَمانِه لها، فجَرَى مَجْرَى من أزالَ بَكارَتَها بإِصْبَعِه، ثمَّ وَطِئَها؟ قُلْنا: لأنَّ مَهْرَ البِكْرِ ضَمانُ المَنْفَعَةِ، وأَرْشَ البَكارَةِ ضَمَانُ جُزْءٍ، فلذلك اجْتَمَعا، وأمَّا الثانى فإنَّه إذا وَطِئَها بِكْرًا، فقد اسْتَوْفَى نَفْعَ هذا الجُزْءِ، فوَجَبَتْ قِيمَتُه بما اسْتَوْفَى من نَفْعِه، فإذا أَتْلَفَه وَجَبَ ضَمانُ عَيْنِه، ولا يجوزُ أن تُضْمَنَ العَيْنُ، ويَسْقُطَ ضَمانُ المَنْفَعَةِ، كما لو غَصَبَ عَيْنًا ذاتَ مَنْفَعَةٍ، فَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَها، ثمَّ أتْلَفَها، أو غَصَبَ