للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعىُّ، وإسحاقُ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى؛ لما رُوِىَ أن ابنَ عمرَ زَوَّجَ ابنه وهو صغيرٌ، فاخْتَصَما (٤) إلى زيدٍ، فأجازاه (٥) جميعًا. روَاه الأثرمُ بإسْنادِه (٦). وأنت الغلامُ المَعْتُوهُ، فلأبِيه تَزْويجُه. وقال الشافعىُّ: لا يجوزُ؛ لأنَّه يُلْزِمُه بالتَّزْويجِ (٧) حُقُوقًا من المَهْرِ والنَّفَقةِ، مع عَدَمِ حاجَتِه، فلم يَجُزْ له ذلك، كغيرِه من الأوْلياءِ. ولَنا، أنَّه غيرُ بالغٍ، فمَلَكَ أبُوه تَزْوِيجَه، كالعاقلِ، ولأنَّه إذا جازَ (٨) تَزْويجُ العاقلِ، مع أَنَّ له عندَ (٩) احْتياجِه إلى التَّزْويجِ رأيًا ونَظَرًا لنَفْسِه، فلأَنْ يَجُوزَ تَزْويجُ مَن لا يتوَقَّع فيه ذلك أوْلَى. وفارقَ غيرَ الأب، فإنَّه لا يَمْلِكُ تزويجَ العاقلِ. وأمَّا البالغُ المَعْتوهُ، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، أَنَّ للأبِ تَزْويجَه مع ظُهورِ أماراتِ الشَّهوةِ وعَدَمِها. وقال القاضى: إنَّما يجوز تَزْويجُه إذا ظَهَرتْ منه أماراتُ الشهوةِ باتِّباعِ النِّساءِ ونحوِه. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ فى تَزْويجِه مع عَدَمِ حاجَتِه إضرارًا به، بإلْزامِه حُقُوقًا لا مَصْلحةَ له فى الْتِزامِها. وقال أبو بكرٍ: ليس للأبِ تَزْويجُه بحالٍ؛ لأنَّه رَجُلٌ، فلم يَجُزْ إجبارُه على النِّكاحِ كالعاقلِ. وقال زُفَرُ: إن طَرَأ عليه الجنونُ بعدَ البلوغِ، لم يَجُزْ تَزْويجُه، وإن كان مُسْتَدامًا، جازَ. ولَنا، أنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فجاز لأبِيه تَزْويجُه كالصغيرِ، فإنَّه إذا جاز تَزْوِيجُ الصغيرِ، مع عَدَمِ حاجَتِه فى الحالِ، وتَوَقُّعِ نَظَرِه عند الحاجةِ، فههُنا أوْلَى. ولَنا، على التَّسْويةِ بين الطَّارئ والمُسْتَدامِ، أنَّه مَعْنَى يُثْبِتُ الوِلايةَ، فاسْتَوَى طارِئُه ومُستدامُه، كالرِّقِّ، ولأنه جُنونٌ يثبِتُ الوِلايةَ على مالِه، فأثْبَتَها عليه فى نِكاحِه (١٠)، كالمُسْتَدامِ. فأمَّا اعْتِبارُ الحاجةِ، فلابُدَّ منها، فإنَّه لا يجوزُ لوَلِيِّه


(٤) فى الأصل، أ، ب: "فاختصموا".
(٥) فى ب: "فأجاز له".
(٦) أخرجه مختصرا البيهقى، فى: باب الأب يزوج ابنه الصغير، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٤٣.
(٧) فى ب، م: "التزويج".
(٨) فى م: "ملك".
(٩) فى الأصل، م: "مع".
(١٠) فى م: "النكاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>