للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه السنة: كان بمصر غلاء شديد حتى عُدمت الأقوات، فجمع السلطان الحرافيش كلهم وفرقهم على الأمراء، فأخذ لنفسه خمسمائة حرفوش، وأضاف إلى الأمير بيليك نائب السلطنة ثلثمائة حرفوش، وفرق البقية على الأمراء، ورسم لهم أن يعطوا لكلّ واحدٍ منهم في كل يوم رطين (١) خُبز، فما رأى بعدها أحدٌ يَساءل من الفقراء (٢).

ثم دخلت سنة إحدى وستين وستمائة، فيها رتب السلطان لعب القبق (٣).

وفي سنة اثنتين وستين في عاشر ذي القعدة ختَّنَ السلطان ولده الملك السعيد محمد، ورسم للأمراء والجند والرعيّة أن من كان له ولدٌ يَحضَرَهُ حتى يختنهُ مع ابن السلطان، فأحضروا الناس أولادهم، فبلغ عدَّتهم ألف وستمائة وخمسة وأربعون صغيرًا خارجًا عن أولاد الأمراء والجند، فرسم لكل واحدٍ منهم بكسوة على قدره ومائة درهم ورأس غنم، وأقام المُهم عمال بالقلعة سبعة أيام.

ثم دخلت سنة ثلاث وستين، فيها كثر الحريق بمصر والقاهرة، وأشيع بين الناس أن هذا من فعل بعض النصاري، فرسم السلطان بجمع سائر النصاري، فلما جمعوا أمر بتحريقهم، فجمعت لهم الأحطاب والحلفاء.

فعند ذلك طلع الأتابكي فارس الدين أقطاي المستعرب إلى القلعة، فشفع فيهم على أن يحملوا إلى بيت المال خمسين ألف دينار، وَيُصْلِحُوا ما فسد من الدور التي أحترقت.

ثم دخلت سنة أربع وستين فيها سافر السلطان إلى الشام، وحاصر قلعة صفد (٤)، وافتتحها وعمر بها البرج الكبير.


(١) كذا في الأصل. والصواب "رطلين".
(٢) ما ورد في بدائع الزهور هو إجمالي عدد الحرافيش، وأما كيفية توزيعهم فلم ترد في بدائع الزهور. (انظر بدائع الزهور ١/ ١/ ٣١٩).
(٣) لفظ تركي معناه نبات القرعة العسلية، وقد أطلق في العربية على الهدف الذي كان مستعملا في ملعب الرماية المعروف باسم القبق أيضا، وقد وصف المقريزي لعب القبق فقال: «والقبق عبارة عن خشبة عالية جدا تنصب في براح من الأرض ويعمل بأعلاها دائرة من خشب، وتقف الرماة بقسيما وترمي بالسهام جوف الدائرة لكي تمر من داخلها إلى غرض هناك، تمرينا لهم على إحكام الرمي» الخطط المقريزية ٣/ ٢٠١.
(٤) هي إحدى مدن فلسطين التاريخية، تقع المدينة في منطقة الجليل.

<<  <   >  >>