للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتسلطن في يوم الأربعاء ثامن ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة، فلبس خلعة السلطنة، وحمل القبة والطير على رأسه، وجلس على سرير الملك، وباسوا له الأمراء الأرض، وتلقب بالملك الأشرف، ونودي باسمه في مصر والقاهرة، وضج الناس له بالدعاء، ودقت له بالبشابر ثلاثة أيام.

فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب، وأخلع على من يذكر من الأمراء، وهم: الأتابكي بيبغا (١) المظفري، واستقر به أتابك العساكر على عادته؛ وأخلع على المقر السيفي قجقار (٢) واستقر به أمير سلاح على عادته؛ وأخلع على أقبغا التمرازي واستقر به [١٩٣/ ١] أمير مجلس؛ وأخلع على المقر السيفي سودون من عبد الرحمن واستقر به دوادار كبير؛ وأخلع على الأمير قصروه من عثمان واستقر به أمير خور كبير؛ وأخلع على المقر السيفي جقمق العلائي واستقر به حاجب الحجاب؛ وأخلع على المقر السيفي أزبك المحمدي واستقر به رأس نوبة النوب؛ وأخلع على المقر السيفي تاني بك البجاسي واستقر به نائب الشام.

وأخلع على مملوكه جاني بك واستقر به دوادار ثاني، أمير طبلخاناة، فعظم أمر جاني بك المذكور في دولة أستاذه الملك الأشرف إلى الغاية، وهو صاحب المدرسة التي بالقرب من المنجبية، وله بر ومعروف، وأوقاف كثيرة على جهات البر والصدقات، وكان له كلمة نافذة في دولة أستاذه، وصار صاحب الحل والعقد، وكان له حرمة وافرة أقوى من أمير كبير بمصر، حتى قيل: أنه نفى الأتابكي بيبغا المظفري لدمياط من غير علم السلطان، ومشي له السلطان ذلك، ولم يزل جاني بك على ذلك حتى تخيل منه الملك الأشرف برسباي، فقيل: أنه أشغله، فاستمر ملازم الفراش مدة، وسلسل في المرض حتى مات في أثناء دولة أستاذه الملك الأشرف.

ثم أخلع على الأمير ناصر الدين التاج واستقر به والي القاهرة، وكان لطيف المزاج، يمزح معه الملك الأشرف، وينشرح به؛ فهذا ما كان من ترتيب الأمراء أرباب الوظائف في صدر دولته، ثم انتقلت من بعد ذلك الوظائف إلى جماعة كثيرة من الأمراء، وأنعم في أيامه بتقادم ألوف على جماعة كثيرة من الأمراء، لم نذكرهم في هذا المختصر.


(١) في جواهر السلوك ٣٢٢: "يلبغا".
(٢) في بدائع الزهور ٢/ ٨٢: "قجق"؛ وفي جواهر السلوك ٣٢٢: "قجمق".

<<  <   >  >>