فلما كان يوم الخميس رابع جمادى الآخر من سنة ثمان وثمانمائة: ظهر الملك الناصر فرج من بيت سُودُون الحمزاوي، فاضطربت القاهرة وماجت، وجاء إليه الأمراء والمماليك السلطانية، فصار العسكر فرقتين فرقة مع الملك الناصر فرج، وفرقة مع أخيه عبد العزيز.
وكان الذي من عُصبة أخيه عبد العزيز: الأتابكي بيبرس، والأمير سُودُون المحمدي، والأمير أينال باي بن قجماس، والأمير سُودُون المارديني، وجماعة من الأمراء الطبلخانات والعشراوات، وجماعة من المماليك السلطانية.
وكان من عُصبة الملك الناصر: فرج الأمير يشبك الشعباني الدوادار، وجماعة كثيرة من الأمراء، ومن المماليك السلطانية جماعة كثيرة أكثر من الفرقة التي مع أخيه عبد العزيز.
فلبسوا آلة الحرب، واقتتلوا في ذلك اليوم إلى بعد الظهر أشدّ القتال، فانكسر الأتابكي بيبرس ومن كان معه من الأمراء، وانهزموا أجمعين، وانتصر عليهم الملك الناصر، وملك القلعة، وخلع أخاه الملك المنصور عبد العزيز من السلطنة، ورسم له بأن يدخل إلى دور الحرم، فدخل إليها، وأقام بها إلى شهر صفر سنة تسع وثمانمائة، فأخرجه الملك الناصر إلى ثغر الإسكندرية، هو وأخوه سيدي إبراهيم، فأقاما بثغر الإسكندرية نحو أربعين يوما، ثم جاءت الأخبار بموتهما في يوم واحد، فقيل: إن الملك الناصر أشغلهما في حلوى.
فكانت مدة سلطنة الملك المنصور عبد العزيز بن برقوق شهرين وعشرة أيام.
وتوفي بالإسكندرية في ليلة الإثنين سابع ربيع الأول سنة تسع وثمانمائة، ومات سيدي إبراهيم بعده بيومين، ونقلا بعد موتهما من الإسكندرية، ودفنا عند والدهما برقوق في الخانقاة التي في الصحراء.