للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حلب، وبكلمش نائب طرابلس، والأمير أحمد نائب حماة، فلما حضروا بهم عُلقوا على باب زويلة ثلاثة أيام.

وفيها: ظهر فساد العربان ببلاد الصعيد، وكان كبير العربان يُسمى الأحدب شيخ عرك، فاجتمع عليه طائفة كبيرة منَ العُربان، وأظهرُوا الفساد، ونهبوا الغلال، وَلَمْ يُبقوا ممكنًا.

فلما بلغ السلطان ذلك فخرج إليهم بنفسه، وكان جاليش العسكر الأمير طاز، والأمير شيخُوا، والأمير صرغتمش، فلما ساروا إلى العرب وقع بينهم وقعة عظيمة، لم يُسمع بمثلها فيما تقدم، فعند ذلك انكسر الأحدب كبير العُربان ومن معه من العرب بعد أن كادَتْ الأمراء أن تنكسر، وَقُتل من العرب خلق لا تُحصى لكثرتهم، حتى قيل: أن بعض الأمراء بنى مِنْ رُؤوسهم مساطب على جنب البحر ومآذن (١)، وَجَعلَ رنكه عليها، ولا زال الأمير شيخوا وصرغتمش يتبع العربان إلى بلاد الواحات الداخلة.

ثُم رجع الأمراء إلى الديار المصريّة، ومعهم من العرب الأسرى نحو ألف إنسان من أكابر العُربان، وغنموا منهم مائة حمل رماح، وثلاثون حمل درق، وثمانون حمل سيوف، وَمنَ الخيُولِ ألف وسبعمائة رأس، ومن الجمال ألف وخمسمائة جمل، ومن الأغنام مَا لَا يُحصى عَدَدَهُمْ (٢).

فَلَمَا وَصَلُّوا إلى القاهرة دخل السلطان قبل الأمراء بأيام، ثم دخل الأمير شيخُوا وَالأمير صرغتمش بعده، وصحبتهم الأسرى والغنائم، فرسم السلطان يتوسيط أربعة عشر إنسان من أكابر العُربان، ووسط مائة وأربعين من أشرار همْ؛ ثُم إن السلطان نادى في القاهرة بأن فلاح لا يركب فرس، وَلَا يحمل سلاح.

ثُم بعد أيام حضر الأحدب كبير العربان شيخ العركي، وَكَانَ قَدْ هَربَ مِنْ وجه السلطان والأمراء، فحضر طائعًا إلى الأبواب الشريفة، فأقرَّهُ السلطان على عادته شيخ العركي كما كانَ، وَأخلع عليه، وتوجه إلى بلادِهِ، وَفي ذلك يَقُولُ بعض الشعراء:


(١) في الأصل "مواذن". والتصحيح من بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٥٠ وجواهر السلوك ١٩٥.
(٢) الخبر جاء في بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٥٠: بدون ذكر أي أعداد.

<<  <   >  >>