للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرح]

ساق المصنف هذه الأحاديث المتفق عليها لبيان شؤم عاقبة الإحداث في الدين يوم القيامة، وعدم إقامة الوجه للدين حنيفًا؛ بردة، أو بدعة، وأن أول ذلك حرمانهم من ورود حوض النبي ، وفي بعضها صرفهم إلى النار، عياذًا بالله.

قوله: «أنا فرطكم على الحوض» فرط القوم: سابقهم إلى مورد الماء. وهذا يدل على كمال عنايته بأمته، كما وصفه ربه: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨]، حتى إنَّه يسبق أمته إلى حوضه ليهيئه لهم.

قوله: «وليُرفعنَّ إليَّ رجال من أمتي حتى إذا أهويت لأناولهم» الهوي باليد: إمالتها بسرعة وخفة. قوله: «اختُلِجوا دوني» أي: نزعوا وجذبوا بغير إرادتهم. قال العيني : (اختلجوا على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: سلبوا من عِنْدِي. يُقَال: خلجه واختلجه إِذا جذبه وانتزعه. قَوْله: مَا أَحْدَثُوا أَي: من الْأُمُور الَّتِي لَا يرى الله بهَا، وَجَمِيع أهل الْبدع وَالظُّلم والجور داخلون فِي معنى هَذَا الحَدِيث) (١)

قوله: «فأقول: أي رب أصحابي» وفي لفظ «أصيحابي» (٢) مما يشعر بالقلة.

قوله: «فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» فسبب ذودهم عن حوضه هو الإحداث والبدعة. قيل: إنَّ هذا في حق قوم ارتدوا عن الإسلام بعد وفاته . قال ابن حجر : (وَحَاصِلُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ حَالُ


(١) (عمدة القاري شرح صحيح البخاري (٢٤/ ١٧٦)
(٢) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المائدة: ١١٧] برقم (٤٦٢٥) ومسلم في كتاب الفضائل، باب إثبات حوض نبينا وصفاته برقم (٢٣٠٤).

<<  <   >  >>