والكوز: الكأس، ومجخياً، أي: منكوساً؛ فمهما سكبت فيه من الماء فإنَّه لا يستقر، بل يسحُّ يميناً وشمالاً، فكذلك القلوب، فينبغي للمؤمن الناصح لنفسه أن يتعاهد قلبه دوماً، وأن يطهره من الشبهات، والشهوات، والغفلات، والمشاحنات، وكل ما يشوش عليه من الآفات. فمن الناس من يضطرم في قلبه غيض وحقد، يكدر علمه بالله، وأنسه به، ففرغ قلبك من هذا الاحتقان الضار، وأخلصه لله ﷿، واجعله محراباً لعبادته ﷾، وإذا صلح القلب، صلحت الأعضاء، فالقلب ملك، والأعضاء جنوده، وإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبث جنوده.
قوله:«إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى أموالكم» المراد نظر اعتبار، وإلا فإنه لا تخفى عليه خافية، كما قال: ﴿إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾ [الملك: ١٩].
قوله:«ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» أي ما أنتم عليه من الإخلاص، والموافقة للسنة. قال تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: ١١٠].
[فوائد الحديث]
١ - أهمية إصلاح القلوب، والحرص على سلامتها.
٢ - أهمية إصلاح الأعمال، وموافقتها للسنة.
٣ - عدم الاغترار بالظاهر والهيئات، قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ [المنافقون: ٤].
قال المصنف ﵀:
ولهما: عن ابن مسعود ﵁ أنَّه قال: قال رسول الله ﷺ: «أنا فرطكم على الحوض؛ وليرفعن إليّ رجال من أمتي، حتى إذا أهويت لأناولهم اختُلِجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، فيقال: