ويظنَّ أنَّه قد نجا وجاز القنطرة، وأنَّه قد حقق التوحيد، وسلم من الشرك، مع أنَّ إبراهيم ﵇ وهو إمام الموحدين في الأولين، يقول داعياً ربه: ﴿وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ﴾ [إبراهيم: ٣٥ - ٣٦]، فمن يأمن الشرك بعد إبراهيم؟
قال المصنف ﵀:
وعن ابن مسعود ﵁ أنَّه قال: خط لنا رسول الله ﷺ خطّاً، ثم قال:«هذا سبيل الله» ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، ثم قال:«هذه سُبل، على كلِّ سبيل منها شيطان، يدعو إليه»، وقرأ: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣](١)، رواه أحمد، والنسائي.
[الشرح]
كان ﷺ يجتهد في البيان، حتى إنَّه يخط الرسوم التوضيحية، لتقريب العلم، ويستشهد بالآيات الدالة على المعنى. فنسأل الله ﷿ أن يلزمنا سبيله، وأن يعصمنا من الفتن ما ظهر منها، وما بطن.
[فوائد الحديث]
١ - حرص النبي ﷺ على البيان، واستعمال الوسائل التوضيحية.
٢ - أن دين الإسلام هو الصراط المستقيم، الموافق للعقل والفطرة.
٣ - الحذر من استزلال الشياطين بسلوك السبل المعوجة.
(١) أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم (١١١٧٤)، وأحمد ط الرسالة برقم (٤١٤٢)، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح برقم (١٦٦).