للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجه الشبه أن الأنبياء دينهم واحد، وشرائعهم متنوعة، كما أن أبناء الضرائر، أبوهم واحد، وأمهاتهم متعددات.

وأما الإسلام بالمعنى الخاص: فهو ما بعث الله به محمداً -من العقائد الصحيحة، والشرائع العادلة، والآداب القويمة، والأخلاق الرفيعة، ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤٨]. فالإسلام بالمعنى الخاص، هو اللقب الذي غلب على هذه الأمة. فتبيَّن بهذا اتصال حلقات الإسلام، كما قال تعالى عن مؤمني أهل الكتاب: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا﴾ [القصص: ٥١ - ٥٤].

فهذا هو الإسلام الذي عنون له المصنف بقوله: "باب فضل الإسلام" وصدّره بثلاث آيات:

الآية الأولى: قول الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾ [المائدة: ٣]: هذه آية عظيمة، وهي من آخر ما نزل على النبي ، فيها امتنان بليغ من الله تعالى على هذه الأمة؛ بإكمال الدين، وإتمام النعمة، فعن طارق بن شهاب، أن يهوديًا قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين! آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا نزلت، معشر اليهود، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال: وأيُّ آية؟ قال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾ [المائدة: ٣]. فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت على رسول الله بعرفات في يوم جمعة (١). وفي رواية: "نزلت ليلة جمع" أي: ليلة المزدلفة، وهي عشية يوم عرفات "ونحن مع رسول الله بعرفات" (٢).

قال الإمام النووي : "ومراد عمر أنا قد اتخذنا ذلك اليوم


(١) أخرجه مسلم في كتاب التفسير برقم (٣٠١٧).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب التفسير برقم (٣٠١٧).

<<  <   >  >>